حجيّته. والوجه في عدم ترتّبهما عند الشّك فيها هو ، أنّ الاستناد بلا علم يكون تشريعا عمليّا ، والإسناد بدونه يكون تشريعا قوليّا ، والتّشريع محرّم بالأدلّة الأربعة (الكتاب والسّنّة والإجماع والعقل).
هذا ، ولكن أجاب عنه المحقّق الخراساني قدسسره بوجهين : أحدهما : قوله قدسسره : «وأمّا صحّة الالتزام بما أدّى إليه من الأحكام وصحّة نسبته إليه تعالى ، فليسا من آثارها ؛ ضرورة ، أنّ حجّيّة الظّنّ عقلا على تقرير الحكومة في حال الانسداد ، لا توجب صحّتهما» ؛ ثانيهما : قوله قدسسره : «ولو فرض صحّتهما شرعا مع الشّكّ في التّعبّد به ، لما كان يجدي في الحجّيّة شيئا ما لم يترتّب عليه ما ذكر من آثارها ... فبيان عدم صحّة الالتزام مع الشّكّ في التّعبّد وعدم جواز الاستناد إليه تعالى غير مرتبط بالمقام ، فلا يكون الاستدلال عليه بمهمّ ، كما أتعب به شيخنا العلّامة قدسسره بما أطنب من النّقض والإبرام» (١).
ولا يخفى : أنّ كلا الوجهين مردود :
أمّا الأوّل : فلأنّ معنى الحجّة هنا هو ما يحتجّ بها المولى على العبد ويقطع به العذر ، سواء كان مؤدّاها هو الواقع ، أو الوظيفة الفعليّة ، وكيف كان ، يستند مؤدّاها إلى الشّرع والشّارع ، وبهذا المعنى ، تكون الاصول ـ أيضا ـ حججا قاطعة للعذر يحتجّ بها المولى على العبد ويكون مؤدّاها وهي الوظيفة الفعليّة مسندا إلى الشّارع ، سواء كانت الوظيفة الفعليّة هي الواقعيّة ، أم لا؟ وكيف يمكن أن يكون الشّيء حجّة شرعا أو عقلا ولا يصحّ إسناد مؤدّاها إلى الشّارع ، وكذا العكس.
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٥٥ و ٥٨.