وأمّا البحث عن التّشريع هنا بشئونه وجوانبه وبجهاته الأربعة الّتي تعرّض لها المحقّق النّائيني قدسسره (١) وأورد عليها الإمام الرّاحل قدسسره (٢) فكلّ ذلك خارج عن المقام ، فلا ينبغي الورود في هذا البحث ، نقلا ونقدا ، نقضا وإبراما.
الثّاني : أنّ الأنسب بعلم الاصول فيما ذكر من الأصل ، هو ما قرّره المحقّق الخراساني قدسسره ـ على ما عرفت سابقا ـ من أنّ الأصل عدم الحجّيّة ؛ لكون الشّكّ في الحجّيّة مساوقا للقطع بعدمها (٣) ؛ وجه الأنسبيّة هو كون الحجّيّة من المسائل الاصوليّة ، كما لا يخفى.
وأمّا تقرير الأصل بما ذكره الشّيخ الأنصاري قدسسره (٤) من أنّ التّعبّد بالظّنّ الّذي لم يدلّ دليل على وقوع التّعبّد به ، محرّم بالادلّة الأربعة ، فهو الأنسب بعلم الفقه ، وهو واضح.
الثّالث : أنّ الشّيخ الأنصاري قدسسره (٥) قد تعرّض وجها آخر لتقرير الأصل وهو استصحاب عدم الحجّيّة عند الشّكّ فيها. بتقريب : أنّ الحجّيّة إنشاء أو إمضاء مسبوقة بالعدم ، فيجري استصحاب عدمها عند الشّكّ في حدوثها ؛ ولكن أورد قدسسره على هذا الاستصحاب بعدم ترتّب الأثر العمليّ على مقتضاه ، فإنّ حرمة العمل بالظّنّ يكفي في موضوعها ، عدم العلم بورود التّعبّد وعدم إحرازه ، فلا حاجة إلى إحراز عدم
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ٣ ، ص ١٢٠.
(٢) راجع ، أنوار الهداية : ج ١ ، ص ٢٢٥.
(٣) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٥٥.
(٤) راجع ، فرائد الاصول : ج ١ ، ص ١٢٥.
(٥) راجع ، فرائد الاصول : ج ١ ، ص ١٢٧.