ورود التّعبّد به ، ليحتاج إلى إجراء أصل الاستصحاب.
محصّل إيراده قدسسره هو أنّ التّمسّك بالاستصحاب المذكور يكون لغوا ، لا يترتّب عليه فائدة أصلا ؛ إذ المفروض ترتّب الأثر على نفس الشّكّ في الحجّيّة وعدم العلم بها ، فلا يصل الدّور إلى إحراز عدم الحجّيّة وتحصيل العلم بعدمها تعبّدا بإجراء الأصل التّعبّدي وهو الاستصحاب.
ولقد أجاب المحقّق الخراساني قدسسره عن هذا الإيراد بوجهين : (١)
الأوّل : أنّ الحاجة إلى الأثر في الأصل الجاري للعمل ، إنّما هي في الاصول الجارية في الشّبهات الموضوعيّة ؛ وأمّا الاصول الجارية في الشّبهات الحكميّة ، فيكفي في صحّة جريانها ثبوت نفس الحكم والمؤدّى من بقاء الحكم ، أو عدمه في الاستصحابات الوجوديّة أو العدميّة ، فوجوب شيء ، أو عدم وجوبه بنفسه ، يكون من الآثار الّتي يصحّ جريان الأصل بلحاظها ، بلا حاجة إلى أثر آخر وراءها.
ومن المعلوم : أنّ الحجّيّة وعدمها ، يكون من الأحكام ، فاستصحاب عدم الحجّيّة ، كاستصحاب عدم الوجوب أو الحرمة ، ممّا لا يحتاج إلى أثر آخر وراء نفس عدم الحجّيّة.
الثّاني : لو سلّمنا ، أنّ الحجّيّة من الموضوعات الخارجيّة ، فيتوقّف جريان الأصل فيها على ترتّب أثر عمليّ ، لكن ذلك ، لا يمنع عن استصحاب عدمها ، فإنّ حرمة التّعبّد ، كما تكون أثرا للشّكّ في الحجّيّة ، كذلك تكون أثرا لنفس عدم الحجّيّة واقعا.
وعليه : فالشّكّ في الحجّيّة مورد لكلّ من الاستصحاب والقاعدة المضروبة
__________________
(١) راجع ، حاشية الرّسائل : ص ٥.