لحال الشّكّ ويقدّم الاستصحاب على القاعدة بالحكومة ، نظير حكومة استصحاب الطّهارة على قاعدة الطّهارة ، أو حكومة استصحاب الحليّة على قاعدة الحلّ.
وبالجملة : أنّ الضّابط هنا هو كون الأثر على أحد أنحاء ثلاثة :
أحدها : أن يترتّب الأثر على الواقع فقط ، فلا مجال إلّا للاستصحاب.
ثانيها : أن يترتّب على الشّكّ فقط ، فلا مجال إلّا للقاعدة المضروبة للشّكّ.
ثالثها : أن يترتّب على كلّ من الواقع والشّكّ ، فلكلّ من الاستصحاب والقاعدة مجال ، إلّا أنّ الاستصحاب يقدّم على القاعدة بالحكومة.
هذا ، ولكن ردّ هذين الوجهين المحقّق النّائيني قدسسره (١) ذابا عن مقالة الشّيخ الأنصاري قدسسره فقال في ردّ الوجه الأوّل ، ما حاصله : إنّ الحجّيّة وإن كانت من الأحكام الوضعيّة المجعولة ، إلّا أنّها بوجودها الواقعيّ لا يترتّب عليها أثر عمليّ أصلا ، والأثر المترتّب عليها نوعان : أحدهما : ما يترتّب عليها بوجودها العلميّ من المنجّزيّة عند الإصابة ، والمعذريّة عند المخالفة ؛ ثانيهما : ما يترتّب على نفس الشّكّ في الحجّيّة ، كحرمة التّعبّد بها ، وعدم جواز إسناد المؤدّى إلى الشّارع ، فعدم الحجّيّة الواقعيّة بنفسه لا يقتضي الجري العمليّ حتّى يستصحب ؛ إذ لا أثر لإثبات هذا العدم إلّا حرمة التّعبّد وهو حاصل بنفس الشّكّ في الحجّيّة وجدانا ، لأنّ الشّكّ تمام الموضوع لحرمة التّشريع وعدم جواز التّعبد ، ومعه لا مجال للاستصحاب في إثبات هذا الأثر ، لكونه من تحصيل الحاصل.
وقال في ردّ الوجه الثّاني ، ما حاصله : إنّه لا يعقل أن يكون الشّكّ في الواقع
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ٣ ، ص ١٢٩ إلى ١٣٢.