موضوعا للأثر في عرض الواقع ، مع أنّه على هذا الفرض لا يجري الاستصحاب ـ أيضا ـ لترتّب الأثر بمجرّد الشّكّ ، فلا يبقى مجال للاستصحاب ؛ بداهة ، أنّه لا يصل الدّور إلى إثبات بقاء الواقع كي يجري فيه الاستصحاب ؛ إذ المفروض تحقّق موضوع الأثر في الرّتبة السّابقة على هذا الإثبات وترتّب الأثر عليه ، فأيّ فائدة في جريان الاستصحاب.
وما قرع سمعك من حكومة الاستصحاب على القاعدة المضروبة لحال الشّكّ ، فإنّما هو فيما كان ما يثبته الاستصحاب غير ما تثبته القاعدة ، نظير قاعدتي الطّهارة والحلّ واستصحابهما ، فإنّ القاعدة لا تثبت الطّهارة والحلّيّة الواقعيّة ، بل مفادها ليس إلّا ترتيب آثارهما من جواز الاستعمال وحليّة الأكل ونحو ذلك ، بخلاف الاستصحاب ، فإنّ مفاده بقاء الطّهارة والحليّة الواقعيّة ، وقد يترتّب على بقاءهما غير جواز الاستعمال وحلّيّة الأكل من آثار أخر ، نظير جواز الصّلاة في أجزاء الحيوان المشكوك حلّيّته إذا جرى فيه استصحاب الحليّة ، وعدم جواز الصّلاة فيها إذا لم يجر فيه استصحابها وإن جرت أصالة الحلّ ، فالإنصاف ، أنّه لا مجال لتوهم جريان استصحاب عدم الحجّيّة عند الشّكّ فيها.
هذا ، ولكنّ الحقّ مع المحقّق الخراساني قدسسره فيما ذكره في الوجه الأوّل : من أنّ استصحاب عدم الحجّيّة ، كاستصحاب عدم الوجوب. وما قال المحقّق النّائيني قدسسره في ردّه غير وجيه ظاهرا ؛ وذلك ، لأنّ اللّازم في الاستصحاب هو كون المستصحب ممّا يترتّب على وجوده العمل في ظرف العلم به ، أو يترتّب على عدمه نفي العمل في ظرف العلم بالعدم ، وهذا إمّا بلا واسطة أو مع الواسطة ، والحجّيّة المجعولة ، نظير الوجوب