الوجه الثّالث : دعوى اشتمال الكتاب للمتشابه الّذي ورد المنع عن اتّباعه. وواضح ، أنّ المتشابه شامل للظّاهر ـ أيضا ـ ولا أقلّ من احتمال شموله لتشابه المتشابه وإجماله.
توضيح ذلك : أنّ الله تعالى منع ونهى عن اتّباع المتشابه بقوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ)(١) والمراد من المتشابه هو ما يحتمل فيه الخلاف مقابل المحكم وهو النّص الّذي لا يحتمل فيه الخلاف أصلا ولو كان ضعيفا.
وعليه : فالظّاهر الّذي يحتمل فيه الخلاف ولو كان ضعيفا ، مشمول للمتشابه ولا أقلّ من احتمال ذلك ، واندراج الظّاهر تحته باعتبار تشابه المتشابه وإجماله وكونه غير ظاهر المراد ، فيشكّ في حجّيّة الظّاهر ، وقد مضى في مبحث تأسيس الأصل ، أنّ مقتضاه عدم جواز العمل بما هو مشكوك الحجّيّة.
هذا الوجه ، كما ترى ، يرجع إلى منع الكبرى ، وإنكار حجّيّة ظهور الكتاب ، وقد أجاب عنه المحقّق الخراساني قدسسره بقوله : «أمّا الثّالثة ، فللمنع عن كون الظّاهر من المتشابه ، فإنّ الظّاهر كون المتشابه هو خصوص المجمل وليس بمتشابه ومجمل» (٢).
وفيه : أوّلا : أنّه يلزم على هذا المعنى أن يكون المحكم المقابل للمتشابه ، بمعنى المبيّن بقرينة المقابلة في قوله تعالى : (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ)(٣) فيندرج الظّاهر كالنّص تحت عنوان المحكم المبيّن ، لا تحت المتشابه
__________________
(١) سورة آل عمران (٣) ، الآية ٧.
(٢) كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٦١.
(٣) سورة آل عمران (٣) ، الآية ٧.