المبهم المجمل ، وهذا باطل ، والوجه فيه ـ كما أفاده العلّامة الطّباطبائي قدسسره (١) ـ أنّ خصوصيّة المحكم ليست وضوح ظاهره وبيانه ، بل إحكامه ، ولذا وصف الله تعالى في الآية المتقدّمة بأنّ المحكمات أمّ الكتاب ، والامّ ، بمعنى : المرجع ، فتكون المحكمات تامّة في نفسها ترجع إليها بقيّة الآيات ممّا لا إحكام ولا ثبات في ظاهرها.
وثانيا : أنّ ظاهر القرآن ليس ممنوعا اتّباعه ، خصوصا بالنّظر إلى ما عرفت في الجواب عن الوجه الأوّل : من أنّ الأئمّة عليهمالسلام أرجعوا النّاس إلى الكتاب بعرض الأخبار المتعارضة عليه ، وقد أمروا بطرح ما هو المخالف له. وواضح ، أنّ المقصود من المخالفة هو كون الرّواية مخالفا لظاهر الكتاب لا نصّه.
وثالثا : أنّه ورد عنهم عليهمالسلام في موارد خاصّة ، أخبار دالّة على جواز التّمسّك بظاهر القرآن ، وقد تقدّم ذكر هذه الأخبار ، فراجع.
الوجه الرّابع : دعوى أنّ القرآن وإن كان ظاهرا بالذّات ، إلّا أنّه صار مجملا بالعرض ؛ للعلم الإجماليّ بطروّ التّخصيص والتّقييد والتّجوّز في غير واحد من ظواهر القرآن. وعليه : فتكون ظواهره مجملات حكما ؛ لمانعيّة العلم الإجماليّ المذكور عن العمل بها.
هذا الوجه ـ أيضا ـ كالوجه السّابق ممّا يرجع إلى إنكار الكبرى.
وفيه : أنّا لا ننكر هذا العلم الإجماليّ ، إلّا أنّه لا يقتضي سقوط الظّاهر عن الحجّيّة بالمرّة ، بل يوجب الفحص عن المخصّص والمقيّد والقرينة ، ونحن لم ندّع حجّيّة الظّواهر وجواز العمل بها بلا فحص ومراجعة ، بل نقول بها بعده ، كما هو الشّأن في
__________________
(١) راجع ، حاشية الكفاية : ص ٢٠٧ و ٢٠٨.