العمل بالسّنّة ؛ إذ العلم الإجماليّ المذكور ، موجود فيها ـ أيضا ـ بلا شبهة.
ومن المعلوم : أنّ متعلّق العلم الإجماليّ ليس مردّدا بين مطلق الأمارات حتّى لا ينحلّ بمقدار ما نجده فيما بأيدينا من الأخبار ، بل يكون مردّدا بين ما بأيدينا من الأمارات ، بحيث لو تفحّصنا عنه في هذه الدّائرة لظفر نابه البتّة ، فإذا تفحّصنا في الأخبار ولم نجد فيها مخصّصا أو مقيّدا أو قرينة على تجوّز ، علمنا أنّه لم يكن من أطراف العلم الإجماليّ ، فنتمسّك بظاهر القرآن حينئذ بلا إشكال.
ولقد أجاد شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره فيما أفاده في المقام ، حيث قال : «إنّ العلم الإجمالي الكبير بوجود التّخصيص ونحوه في الواقع ونفس الأمر وفي دائرة مطلق الأمارات ، مقرون بعلم إجماليّ صغير وهو العلم بالتّخصيص ونحوه ، في دائرة ما بأيدينا من الأمارات ، بحيث لو تفحّصنا عنه لظفر نابه ، فينحلّ ذاك الكبير بهذا الصّغير.
وإن شئت ، فقل : إنّا نقطع بأنّ المخصّصات والمقيّدات والقرائن على التّجوّزات المخالفة للظّواهر ، تكون موجودة في ما بأيدينا من الأخبار والرّوايات بحيث لو تفحّصنا عنها لظفرنا بها ، وأمّا وجود مخصّصات ونحوها في الواقع غير واصلة إلينا ، فلا علم لنا به ، لا تفصيلا ولا إجمالا. وعليه : فلا يجب الفحص إلّا في دائرة العلم الإجماليّ الصّغير الّذي ينحلّ به العلم الإجماليّ الكبير ، وحينئذ ينطبق المعلوم بالاجمال ، بعد الفحص والظّفر ، على وجود المخالف ، ويتعيّن هو بهذا المقدار ، فينتهي أمر العلم الإجماليّ إلى الانحلال ، وتجري الاصول اللّفظيّة من أصالة العموم والإطلاق والحقيقة ، في غير مورد الظّفر بالمخالفة ، بلا منع وشبهة» (١).
__________________
(١) تقريرات بحوثه قدسسره القيّمة بقلم الرّاقم.