الوجه الخامس : دعوى أنّ الأخبار النّاهية عن التّفسير بالرّأي ، شاملة لحمل الكلام الظّاهر في معنى ، على إرادة ذلك المعنى ، وهذه الأخبار متواترة كثيرة :
منها : ما عن الصّادق عليهالسلام عن آبائه : «إنّ أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن على عليهماالسلام ، يسألونه عن «الصّمد» فكتب عليهالسلام إليهم ، بسم الله الرّحمن الرّحيم. أمّا بعد ، فلا تخوضوا في القرآن ، ولا تجادلوا فيه ، ولا تتكلّموا فيه بغير علم ، فإنّي سمعت جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : من قال في القرآن بغير علم ، فليتبوأ مقعده من النّار» (١).
ومنها : ما عن عبد الرّحمن بن السّمرة ، قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لعن الله المجادلين في دين الله على لسان سبعين نبيّا ، ومن جادل في آيات الله ، كفر ... ومن فسّر القرآن برأيه ، فقد افترى على الله الكذب ، ومن أفتى النّاس بغير علم لعنته ملائكة السّماوات والأرض ، وكلّ بدعة ضلالة ، سبيلها إلى النّار» (٢).
ومنها : ما روى العامّة عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «من فسّر القرآن برأيه فأصاب الحقّ ، فقد أخطأ» (٣).
هذا الوجه ، كما ترى ، راجع إلى المنع الكبروي ـ أيضا ـ وفيه : أوّلا : أنّ حمل الظّاهر ليس من باب التّفسير ؛ إذ التّفسير عبارة عن كشف القناع ، ولا قناع لمثل الظّاهر ، كما هو واضح.
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١٨ ، كتاب القضاء والشّهادات ، الباب ١٣ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٥ ، ص ١٤٠.
(٢) وسائل الشّيعة : ج ١٨ ، كتاب القضاء والشّهادات ، الباب ١٣ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٧ ، ص ١٤٠ و ١٤١.
(٣) وسائل الشّيعة : ج ١٨ ، كتاب القضاء والشّهادات ، الباب ١٣ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٧٩ ، ص ١٥١.