وثانيا : أنّ المنهي المذموم هو التّفسير بالرّأي ، الّذي معناه هو الاعتبار العقليّ الظّني الرّاجع إلى الاستحسان ، بأن يحمل المفسّر ، الآيات على خلاف ظواهرها ، أو على أحد الاحتمالات ؛ لأجل رجحانه في نظره القاصر وعقله الفاتر.
ومن المعلوم : أنّ حمل ظواهر القرآن على معانيها اللّغويّة والعرفيّة ، وكون تلك المعاني مرادات جدّيّة ، لا يعدّ تفسيرا ، ولو سلّم ذلك ، لا نسلّم أنّه يكون تفسيرا بالرّأي.
وبالجملة : أنّ المستفاد من الرّوايات النّاهية ، هو النّهي عن تفسير الآيات بالاعتبار العقليّ ، وعن حمل الآيات على خلاف ظواهرها بمجرّد مساعدة ذلك الاعتبار عليه من دون السّؤال عن العترة والآل عليهمالسلام.
ويؤيّد ذلك ، رواية اسماعيل بن جابر ، عن الصّادق عليهالسلام قال : «... وإنّما هلك النّاس في المتشابه ، لأنّهم لم يقفوا على معناه ، ولم يعرفوا حقيقته ، فوضعوا له تأويلا من عند أنفسهم بآرائهم واستغنوا بذلك عن مسألة الأوصياء» (١).
ورواية موسى بن عقبة : «أنّ معاوية أمر الحسين عليهالسلام أن يصعد المنبر ، فيخطب ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : نحن حزب الله الغالبون وعترته نبيّه الأقربون ، وأحد الثّقلين الّذين جعلنا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثاني كتاب الله ، فيه تفصيل لكلّ شيء ، لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والمؤوّل علينا في تفسيره لا نتظنّى تأويله ، بل نتّبع حقائقه ... وقال عزوجل : لو ردّوه إلى الرّسول وإلى أولى
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١٨ ، كتاب القضاء والشّهادات ، الباب ١٣ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٦٢ ، ص ١٤٧ و ١٤٨.