الأمر منهم لعلمه الّذين يستنبطونه منهم» (١).
هذا كلّه مع ورود أخبار كثيرة آمرة بالرّجوع إلى القرآن الكريم وعرض الأخبار المتعارضة عليه ، وكذا ورود أخبار كثيرة دالّة على جواز الاستظهار واستفادة حكم الله من الآية ، كما تقدّم ذكرها.
ولا يخفى : أنّه لو لم يكن لظاهر القرآن حجّيّة ، فما معنى الأمر بالتّمسّك به ، كالتّمسّك بالعترة عليهمالسلام ؛ ضرورة ، أنّ معنى التّمسّك ليس إلّا الأخذ والعمل ، ولا مجال لهما إلّا مع الحجّيّة.
الوجه السّادس : دعوى أنّ التّحريف واقع في القرآن فيحصل لنا العلم الإجماليّ به ؛ ومع هذا العلم لا يبقى المجال للحمل على الظّاهر والعمل به ، هذا الوجه ـ أيضا ـ ممّا يرجع إلى المنع الكبروى ، والجواب عنه ، يتوقّف على تحرير محل النّزاع في التّحريف وأنّه بأيّ معنى أو بأيّ نحو يكون مورد الكلام ومصبّ النّقض والإبرام ، فنقول : إنّ التّحريف له أنحاء مختلفة : أحدها : حمل الكلام على غير ما قصد به من المعنى الحقّ ، نظير تفسير قطع يد السّارق في قوله تعالى : (السَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) بقطع يده عن السّرقة بإعطائه من المال ما يكفي مئونته ، مع أنّ المعنى الحقّ هو قطع الجارحة المخصوصة وإجراء حدّ السّرقة.
وهذا النّحو من التحريف المسمّى بالتّحريف المعنوي قد وقع في الكتاب والسّنّة في الأعصار الماضية ، وفي عصرنا هذا ـ أيضا ـ بل هذه شنشنة أهل البدع
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١٨ ، كتاب القضاء والشّهادات ، الباب ١٣ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٥ ، ص ١٤٤.