من الاقتحام في الهلكة ... فما وافق كتاب الله ، فخذوه ، وما خالف كتاب الله ، فدعوه» (١).
وفيه : أنّ هذه الطّائفة من الأخبار موردها هي الأخبار المخالفة للكتاب بنحو التّباين أو العموم من وجه ، وأنت ترى ، أنّ مورد النّزاع ليس من هذا القبيل ؛ إذ بطلان العمل بالأخبار المباينة للكتاب الّتي وردت من طرق الدّساسين ممّا لا ينكره أحد ولا نزاع فيه ، فالنّزاع إنّما هو في الأخبار الآحاد الّتي تخالف الكتاب بنحو العموم المطلق ، فتكون مقيّدة للكتاب ، أو مخصّصة له.
وواضح : أنّ الطّائفة المذكورة لا تشمل مثل هذا ، كيف ، وأنّ الضّرورة قائمة على ورود الأخبار الكثيرة المقيّدة أو المخصّصة.
ومنها : ما دلّ على بطلان ما لا يوافق الكتاب ، نظير رواية أيّوب بن راشد ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «ما لم يوافق من الحديث ، القرآن ، فهو زخرف» (٢).
ورواية أيّوب بن الحرّ ، قال : «سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : كلّ شيء مردود إلى الكتاب والسّنّة ، وكلّ حديث لا يوافق كتاب الله ، فهو زخرف» (٣).
والجواب عن هذه الطّائفة هو الجواب عن الطّائفة الثّانية ؛ إذ المراد من عدم موافقة الخبر للكتاب ، هو مخالفته عرفا ، وهي لا تصدق إلّا إذا خالف الكتاب بنحو التّباين أو العموم من وجه.
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١٨ ، كتاب القضاء والشّهادات ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٥ ، ص ٨٦.
(٢) وسائل الشّيعة : ج ١٨ ، كتاب القضاء والشّهادات ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٢ ، ص ٧٨.
(٣) وسائل الشّيعة : ج ١٨ ، كتاب القضاء والشّهادات ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٤ ، ص ٧٩.