أمّا الإجماع ، فقد ادّعى السّيّد المرتضى قدسسره أنّ العمل بالخبر الواحد كان بمنزلة العمل بالقياس عند مذهب الشّيعة ، وكذا ادّعى الطّبرسي قدسسره أنّه لا يجوز العمل بالظّنّ عند الإماميّة إلّا في بعض الموارد. (١)
وفيه : أوّلا : أنّ هذا الإجماع كان من الإجماعات المنقولة الّتي لم تثبت حجّيّتها ، كما هو المقرّر في محلّه ؛ وثانيا : لو سلّم حجّيّة هذا الإجماع ، لكان منقولا بالخبر الواحد ، فلا يعقل التّمسّك بمثله لعدم حجّيّة الخبر الواحد ؛ بداهة ، أنّه يلزم من عدم حجّيّة الخبر الواحد عدم حجّيّة الإجماع المنقول به ؛ وثالثا : لو سلّم ذلك ، لوقع التّعارض بين هذا الإجماع ، وبين الإجماع المدّعى على حجّيّة الخبر الواحد ، كما سيأتي ؛ ورابعا : لو أغمضنا عن ذلك ، لما كان معتبرا لأجل كونه مدركيّا ، أو محتمل المدركيّة ؛ وذلك ، إمّا لاستناد المجمعين إلى الآيات والأخبار المتقدّمة أو لاحتمال استنادهم إليها. هذا كلّه في القول بعدم حجّيّة الخبر الواحد.
أمّا القول بحجّيّة الخبر الواحد ، فقد استدلّ عليه ـ أيضا ـ بالأدلّة الثّلاثة :
من الكتاب والسّنّة والإجماع.
أمّا الكتاب ، فبآيات ، أهمّها آيتان :
الاولى : آية النّبأ وهي قوله تعالى : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)(٢).
تقريب الاستدلال به على حجّيّة الخبر الواحد يتمّ في ضمن امور :
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ١ ، ص ٢٤٦.
(٢) سورة الحجرات (٤٩) ، الآية ٦.