حالة مجيء الفاسق به ، وحالة عدم مجيء الفاسق به ، كما أنّ لزيد في مثل «إن جاءك زيد» حالتين : حالة المجيء ، وحالة عدم المجيء. وعليه ، فلا يكون الشّرط في الآية مسوقا لبيان الموضوع ومن محقّقاته له ، بل يكون من حالاته.
وبعبارة اخرى : فرق واضح بين أن يكون الموضوع في الآية هو النّبأ الجائي به الفاسق ، فالشّرط إذا مسوق لبيانه ويكون من مقوّماته ؛ إذ التّقدير هكذا «إن تحقّق ووجد نبأ الفاسق في الخارج ، يجب التّبيّن عنه» فلا مجال حينئذ لأخذ المفهوم ، كما لا يخفي ؛ وبين أن يكون الموضوع نفس النّبأ ، فالشّرط وهو «مجيء الفاسق بالخبر» يكون حينئذ من حالاته ؛ إذ التّقدير هكذا «النّبأ إن جاء به الفاسق يجب التّبيّن عنه» فيفيد ـ بناء على وجود المفهوم الشّرط ـ النّبأ إن لم يجيء به الفاسق لا يجب التّبيّن عنه ، وهذا مساوق عرفا مع قولنا : «إن جاء به العادل لا يجب التّبيّن عنه» وظاهر الآية هو كون الموضوع من هذا القبيل ، خلافا للشّيخ الأنصاري قدسسره حيث ذهب إلى أنّ الآية ظاهر في أنّ جملة الشّرطيّة مسوقة لبيان تحقّق الموضوع. (١)
ومن هنا ظهر ضعف ما عن بعض الأعاظم قدسسره من جعل الاحتمال في الآية ثلاثة ، وتقوية الاحتمال الثّالث وهو كون الموضوع فيها هو الفاسق ، فقال ما هذا لفظه : «وأمّا إن كان الموضوع هو الفاسق وله حالتان ؛ لأنّ الفاسق قد يجيء بالنّبإ وقد لا يجيء به ، وعلّق وجوب التّبيّن على مجيئه بالنّبإ ، ويكون مفاد الكلام حينئذ إنّ الفاسق إن جاءكم بنبإ فتبيّنوا ، فلا دلالة للقضيّة على المفهوم ، لأنّ التّبيّن متوقّف على مجيئه بالنّبإ عقلا ، فتكون القضيّة مسوقة لبيان الموضوع ؛ إذ مع عدم مجيئه بالنّبإ كان
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ١ ، ص ٢٥٧.