وبوجه أخصر يقال : إنّ وجوب الحذر متوقّف على تحقّق الإنذار وحجّيّة قول المنذر ، وأمّا العلم بالمطابقة ، فلا شأن له هنا. هذا تمام الكلام في الاستدلال على حجّيّة الخبر الواحد بالكتاب.
وأمّا السّنة ، فهي على طوائف أربعة :
منها : الرّوايات الواردة في العلاج عند المعارضة والسّؤال عن كيفيّته ، كرواية داود بن الحصين ، عن أبي عبد الله عليهالسلام : «في رجلين اتّفقا على عدلين ، جعلاهما بينهما في حكم وقع بينهما فيه خلاف ، فرضيا بالعدلين ، فاختلف العدلان بينهما عن قول ، أيّهما يمضي الحكم؟ قال : ينظر إلى أفقههما وأعلمهما بأحاديثنا وأورعهما ، فينفذ حكمه ولا يلتفت إلى الآخر» (١).
تقريب الاستدلال بهذه الطّائفة على حجّيّة الخبر الواحد ، هو أنّ السّؤال عن العلاج يكون دليلا على كون الحجّيّة مفروغا عنها عند الأئمة عليهمالسلام وأصحابهم لو لا المعارضة.
اللهم إلّا أن يقال : بكون مورد المعارضة مقطوع الصّدور ، وهذا كما ترى.
ومنها : الرّوايات الآمرة بالرّجوع إلى أشخاص معيّنين من الرّواة ، كرواية أحمد بن إسحاق ، عن أبي الحسن عليهالسلام قال : «سألته وقلت : من اعامل؟ وعمّن آخذ؟ وقول من أقبل؟ فقال : العمريّ ثقتي ، فما أدّى إليك عنّي ، فعنّي يؤدّي ، وما قال لك عنّي ، فعنّي يقول ، فاسمع له وأطع ، فإنّه الثّقة المأمون ، قال : وسألت أبا محمّد عليهالسلام عن
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١٨ ، كتاب القضاء والشّهادات ، الباب ٩ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٠ ، ص ٨٠.