فالإيراد على الاستدلال بهذه الطّوائف الأربعة ، بأنّ رواياتها أخبارا آحادا مندفع ، بكونها من التّواتر الإجماليّ ، بحيث يعلم بصدور بعضها من المعصومين عليهمالسلام إجمالا.
نعم ، مقتضى هذا التّواتر ، هو الاقتصار في الحجّيّة على القدر المتيقّن من تلك الأخبار الدّالّة على حجّيّة الخبر الواحد وهو الأخصّ مضمونا ، كالواجد لجميع الخصوصيّات المذكورة فيها من كون الرّاوي عادلا وموثّقا ، ولازم ذلك هو الحكم بحجّيّة خصوص الخبر الصّحيح الأعلائي الجامع للوثاقة والعدالة ، لا مطلق الخبر.
هذا ، ولكن ذكر المحقّق النّائيني قدسسره بأنّ القدر المتيقّن الّذي هو أخصّ مضمونا ، ليس إلّا ما دلّ على حجّيّة خبر الثّقة ، فتثبت في فرض التّواتر الإجماليّ حجّيّة خبر الموثوق به. (١)
ولقد أجاد بعض الأعاظم قدسسره في الجواب عنه قدسسره حيث قال (٢) ، ما حاصله : إنّ بعض تلك الأخبار دالّ على اعتبار عدالة الرّاوي ، نظير قوله عليهالسلام : «خذ بأعدلهما» وبعضها دالّ على اعتبار وثاقته كقوله عليهالسلام : «نعم» بعد سؤال السّائل ، «أفيونس بن عبد الرّحمن ثقة ، نأخذ معالم ديننا عنه؟» ، وبعضها دالّ على اعتبار كون الرّاوي إماميّا ـ أيضا ـ كقوله عليهالسلام : «لا عذر لأحد في التّشكيك فيما يرويه ثقاتنا» فإنّ إضافة كلمة : «الثّقات» إلى ضمير المتكلّم وإسنادها إليهم عليهمالسلام ظاهرة في أنّ المراد منها كون الرّاوي من أهل الولاية لهم عليهمالسلام وحيث إنّ المقصود من الثّقة هنا هو المعنى اللّغويّ
__________________
(١) راجع ، أجود التّقريرات : ج ٢ ، ص ١١٣ و ١١٤.
(٢) راجع ، مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ١٩٤.