وجه الإلحاق هو أنّ هذا الكلام إنّما يتمّ لو اريد من الطّهارة والنّجاسة أنّهما حكمان ناشئان من المصلحة والمفسدة ، وليستا من المجعولات الجزافيّة ، فالشّكّ فيهما على هذا يرجع إلى الشّكّ في ذلك المنشأ الّذي هو من الامور الواقعيّة.
نعم ، لا يوجب ذلك ، كون الشّكّ فيهما دائما من الشّبهة المصداقيّة ، وإلّا لزم كون الشّكّ في جميع الأحكام كذلك ، لأجل أنّها ناشئة عن الملاكات في نفسها أو متعلّقاتها.
وأمّا لو اريد من الطّهارة والنّجاسة أنّهما ليستا من الأحكام ، بل تكونان من قبيل الخواص والآثار الطّبيعيّة الّتي لا يعرفها إلّا الشّارع ، كخواص الأشياء والامور والأدوية الّتي لا يعرفها إلّا الطّبيب ، فلا يتمّ ذلك الكلام ؛ إذ مقتضى ظاهر الأدلّة هو كونهما من الأحكام المجعولة ، لا من الخواص والآثار ، كما هو واضح.
وإن شئت ، فقل : إنّ الأدلّة الّتي وردت في اعتبار قاعدة الطّهارة ، ظاهرة في أنّ الشّارع حكم بهما وجعلهما كسائر المجعولات الشّرعيّة ، لا أنّه أخبر بهما من باب إخبار أهل الخبرة والمعرفة.
على أنّه لو سلّم كونهما من الخواص والآثار ، فلا نسلّم كون الشّبهة مصداقيّة ، بل الشّبهة حينئذ تكون حكميّة ، حيث إنّ المرجع عند الشّكّ في طهارة شيء ونجاسته كالعصير المغليّ وعرق الجنب من الحرام ، وعرق الإبل الجلّالة ، هو الشّرع ، لا العرف ، كما في الشّبهة المصداقيّة ، وهذا هو المائز بين الشّبهتين.
فتحصّل : أنّ قاعدة الطّهارة ، كقاعدة الحلّ ، تكون من المسائل الاصوليّة ، إلّا أنّها لم يبحث عنها في الاصول ، لكونها من الامور الثابتة المسلّمة الّتي لا خلاف فيها البتّة.