نظير قوله : «لا ربابين الوالد والولد» وعلى هذا يكون إسناد الرّفع إلى الفعل في الحديث ، كإسناده إلى الحكم حقيقيّا ، فلا فرق بين أن يراد من الموصول في عنوان «ما لا يعلمون» الفعل الخارجيّ أو الحكم الشّرعيّ.
الجهة الثّالثة : أنّه لا شكّ في أنّ الصّحيحة الدّالّة على رفع «تسعة الأشياء عن الامّة» كسائر الرّوايات الدّالّة على هذا المضمون ، إنّما وردت في مقام الامتنان والتّوسعة ، وهذا ـ مضافا إلى طبيعة كلمة : «الرّفع» ـ يقتضي أن يكون المرفوع أمرا ثقيلا ، كي يكون رفعه من الامّة من باب الإرفاق والمنّة.
ولا ريب : أنّ الثّقيل على الامّة هو الفعل والعمل الخارجيّ الصّادر من المكلّفين ، لا الحكم ، لأنّه فعل صادر من المولى ربّ العزّة والقدرة ؛ وليس فعلا للمكلّف حتّى يكون ثقيلا وكلفة عليه.
نعم ، سمّي الحكم تكليفا ، لا لكونه كلفة وثقلا على المولى ، ولا لكونه بنفسه من أثقال العباد وأعمالهم ، بل لكونه موجبا للإبتلاء المكلّف بكلفة الفعل ومشقّته ، أو بكلفة التّرك وصعوبته.
وعليه : فلا بدّ أن يراد من الموصول في جميع العناوين حتّى عنوان «ما لا يعلمون» هو خصوص الفعل لا الحكم ، فإذا يختصّ الحديث بالشّبهات الموضوعيّة.
وفيه : أنّ التّكليف والحكم وإن لم يكن بنفسه ثقيلا على الامّة ، لكنّه يكون سببا لوقوع المكلّف في الكلفة والصّعوبة ؛ ولذلك يصحّ إسناد الرّفع إليه من باب الإسناد إلى السّبب بلا عناية ومجاز ، كما يصحّ إسناده إلى الأثر ـ أيضا ـ كذلك