الحكم فقط ، من دون حاجة إلى إرادة الفعل منه ـ أيضا ـ بتقريب : أنّ الحكم المجهول ، إمّا مجهول لأحد امور ثلاثة : من فقدان النّص وإجماله وتعارض النّصين ، كما في الشّبهات الحكميّة ، أو لأجل امور خارجة : من جهل أو عمى أو ظلمة ، كما في الشّبهات الموضوعيّة.
وثالثا : لو أغمضنا عن ذلك وقلنا : بإرادة كلتا الشّبهتين من الموصول ، نمنع عدم إمكان استعمال اللّفظ في أكثر من معنى واحد ، على ما قرّر في محلّه.
فتحصّل : أنّ الشّواهد الخمسة على خصوص إرادة الفعل الخارجيّ من الموصول مردودة ، بل المراد منه هو الأعمّ من الحكم والفعل ، فلا يختصّ الحديث بالشّبهات الموضوعيّة ، بل يعمّها والشّبهات الحكميّة ، وعلى هذا يتمّ الاستدلال به على البراءة عند الشّكّ في التّكليف.
نعم ، ورد على الحديث إشكالات اخرى لا بدّ من دفعها ، والحري الاكتفاء بذكر واحد منها وهو المهمّ ؛ حاصله : أنّ الرّفع عبارة عن إزالة الشّيء الموجود الثّابت الّذي له اقتضاء واستعداد للبقاء ، قبال الدّفع الّذي هو عبارة عن منع المقتضي (بالكسر) عن التّأثير في وجود المقتضى (بالفتح).
وإن شئت ، فقل : الرّفع عبارة عن إزالة الشّيء بعد وجوده وتحقّقه ، أو إزالة الشّيء عن صفة الوجود بعد تحقّقه وتحصّله ، والدّفع عبارة عن منع الشّيء عن تحصّله وتحقّقه ، فالرّفع منع عن البقاء بعد الحدوث ، والدّفع منع عن أصل الحدوث ، والمفروض أنّه ليس لعنوان «ما لا يعلمون» وساير العناوين حكم ثابت موجود في زمان كي يرفع ويمنع عن بقاءه للإرفاق والامتنان.