وفيه : أنّ الرّفع في الحديث وإن كان بمعناه الحقيقي وهو إزالة الشّيء بعد وجوده وتحقّقه ، إلّا أنّ المرفوع ليس هو الحكم كي يلزم ما ذكر من الإشكال ، بل حيث إنّ الرّفع اسند إلى كلمة : «تسعة» مضافة إلى كلمة : «أشياء» كان المرفوع هو كلمة : «تسعة أشياء» الّتي تفسّر بالعناوين المذكورة من الخطأ والسّهو وما لا يعلمون و... ، وأنت ترى ، أنّ هذه الخصال التّسع امور متحقّقه موجودة في الامّة كثيرا.
وعليه : فيصحّ إسناد الرّفع إليها حقيقة من دون استعماله بدل الدّفع ، كما أفاده المحقّق النّائيني قدسسره (١) في مقام الجواب عن الإشكال المذكور ، ومن دون حاجة إلى الادّعاء والمسامحة ، كما أفاده الإمام الرّاحل قدسسره (٢) ؛ وذلك ، لأنّ الرّفع هنا ـ كما عرفت سابقا ـ تشريعيّ ، بمعنى : عدم كون هذه الامور مصبّا للاعتبار الشّرعيّ حقيقة ، وعدم ترتيب الشّارع عليها الأثر واقعا ، فعلى هذا لا مجال للمسامحة والادّعاء ، وإنّما يتأتّى ذلك لو كان المراد من الرّفع هو الرّفع التّكويني ، كما هو واضح.
وبالجملة : الرّفع معناه الإزالة دائما ، غاية الأمر ، قد تكون الإزالة تكوينيّة وقد تكون تشريعيّة ، نظير الإرادة فإنّ معناها واحد ، والاختلاف إنّما هو من جهة كونها تكوينيّة أو تشريعيّة ، والمراد منه في الحديث ، هو الإزالة التّشريعيّة ، فإذا لا يبقى المجال لما عن المحقّق النّائيني قدسسره من جعل الرّفع بمعنى الدّفع ، وما عن الإمام الرّاحل قدسسره من ارتكاب المسامحة والادّعاء في معنى الرّفع.
نعم ، تطبيق حديث الرّفع على مورد يحتاج إلى تحقّق شروط :
__________________
(١) راجع ، فوائد الاصول : ج ٣ ، ص ٣٣٦ و ٣٣٧.
(٢) راجع ، أنوار الهداية : ج ٢ ، ص ٤٧ و ٤٨.