عن تلك الآثار بلا شبهة ، وهذا بخلاف ما إذا كانت الآثار مترتّبة على الأفعال مع ملاحظة طروّ عنوان الخطأ أو النّسيان أو نحوهما ، كوجوب الدّية المترتّب على قتل نفس محترمة في فرض الخطأ ، ووجوب سجدتي السّهو المترتّب على نسيان السّجدة ؛ فإنّها لا ترتفع بلحاظ تلك الآثار ، لاستحالة أن يكون الموجب لثبوت حكم ، موجبا بنفسه لارتفاع ذلك الحكم ، وهذا واضح غاية الوضوح.
اعلم ، أنّ النّسبة بين حديث الرّفع وبين أدلّة الأحكام الأوّليّة كدليل حرمة شرب الخمر ونحوه وإن كانت عموما من وجه ، إلّا أنّهما لا يتعارضان في مورد الاجتماع ؛ وذلك ، لأجل أنّ حديث الرّفع يكون حاكما على أدلّة الأحكام حكومة تحديد وتضييق ، بحيث يوجب الحديث تضييق دائرة عقد الوضع من ناحية أدلّة الأحكام ، كحكومة دليل نفي الضّرر أو العسر والحرج عليها ، فأدلّة شرب الخمر ونحوه تعمّ حال الاضطرار والإكراه والجهل ونحوها من حالات اخرى ، والحديث ناظر إليها ، فيرفع تشريع شرب الخمر ونحوه في تلك الحالات ويقول : إنّ شرب الخمر ـ مثلا ـ إذا اضطر إليه ، مرفوع تشريعا ، بمعنى : أنّه جعل في عالم التّشريع بلا أثر.
ونتيجة ذلك : أنّ الحديث يحدّد متعلّق الحكم (شرب الخمر) ويضيّقه بإخراج الشّرب الاضطراريّ أو الإكراهيّ ونحوهما منه إخراجا تشريعيّا ، وهذا يكون جمعا عرفيّا بين الحديث ، وبين أدلّة الأحكام ، فلا تلاحظ النّسبة وأنّها هو العموم من وجه حتّى تقع بينهما المعارضة في مورد الاجتماع ، كما لا تلاحظ نسبة العموم من وجه بين الوضوء والغسل ، وبين دليل نفي الضّرر أو العسر والحرج ؛ وذلك لما بينهما من الحكومة المضيّقة الرّافعة للتّنافي والتّعارض المتوهّم.