وكرواية مسعدة بن زياد ، عن جعفر عليهالسلام عن آبائه عليهمالسلام : «أنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لا يجامعوا في النّكاح على الشّبهة ، وقفوا عند الشّبهة ، يقول : إذا بلغك أنّك قد رضعت من لبنها وأنّها لك محرم وما أشبه ذلك ، فإنّ الوقوف عند الشّبهة خير من الاقتحام في الهلكة». (١)
ولا يخفى : أنّ تقريب الاستدلال بهذه الطّائفة على وجوب الاحتياط ، يتوقّف على بيان امور :
الأوّل : أنّ كلمة : «خير» منسلخ عن معنى «التّفضيل» الكاشف عن الاستحباب ، بل إنّما هو بالمعنى «المقابل للشّر» ، وإلّا يلزم أن يكون الاقتحام في الهلكة ـ أيضا ـ خيرا ، مع أنّك تعرف أنّه شرّ محض.
الثّاني : أنّ التّعليل يفيد التّعميم ، فيشمل لمطلق الشّبهات.
الثّالث : أنّه لا بدّ من السّنخيّة بين العلّة والمعلول في الإيجاب والحرمة ، فحيث إنّ العلة هنا يكون في حدّ الوجوب ، فلا مناص من أن يكون المعلول وهو الوقوف عند الشّبهات ـ أيضا ـ واجبا.
والجواب عن هذه الطّائفة هو أنّ دلالتها على وجوب الاحتياط ، إنّما تتمّ فيما إذا لم يعلم فيه الإذن والتّرخيص والحلّيّة ظاهرا ، وأمّا فيما إذا علم فيه ذلك فهو خارج عن الشّبهة خروجا تخصّصيّا موضوعيّا ، بل هو مندرج في معلوم الحلّيّة والإباحة ، فلا يعمّه كبرى العلّة المذكورة في الرّوايات وهي الوقوف عند الشّبهات خير
__________________
(١) وسائل الشّيعة : ج ١٤ ، كتاب النّكاح ، الباب ١٥٧ من أبواب مقدّمات النّكاح وآدابه ، الحديث ٢ ، ص ١٩٣.