شرطه أو حلول وقته ، كي يجب تعلّمه وسائر مقدّماته ، وأمّا بعد حصول الشّرط وحلول الوقت ، فلأجل ترك التّعلّم قبل ذلك ، لا يكون قادرا على الامتثال ، فالتّكليف ساقط. وعليه ، فلا وجوب للتّعلم في الفرض أصلا ، لا قبل الشّرط والوقت ، ولا بعدهما.
ولعلّه لأجل هذا الإشكال التجأ جمع من الأساطين ، كالمحقّق الأردبيلي قدسسره وصاحب المدارك قدسسره والمحقّق الخراساني قدسسره (١) إلى الوجوب النّفسيّ في الفحص والتّعلم.
هذا ، ولكن يمكن الجواب عن هذا الإشكال بوجهين :
الأوّل : أنّ وجوب التّعلّم إنّما هو لأجل المقدّميّة ، لكن لا على وجه النّشوء ، بأن يكون وجوب التّعلّم ناشئا من وجوب الواجب ـ في فرض اشتراطه بشرط أو توقيته بوقت ـ حتّى يقال : بعدم معقوليّة المقدّميّة النّشوئيّة هنا ، للزوم وجود وجوب المقدّمة وهو المعلول قبل وجوب ذي المقدّمة وهو العلّة.
والوجه في ما ذكرناه ، هو ما حقّق في محلّه ، من أنّه ليس المراد من المقدّميّة هو كون وجوبها ناشئا من وجوب ذي المقدّمة ، ولا إرادتها ناشئة من إرادته ، كما توهّم ذلك من عبائرهم المحكيّة ، نظير ما قالوا : من كون وجوب المقدّمة ترشّحيّا ، أو ظلّيّا أو نحوهما ، بل المراد منها هو امتناع إرادة الشّيء وإيجابه ، من دون إرادة مقدّماته وإيجابه ، وإلّا يلزم أن يكون كلّ من المقدّمة وذيها مباد ومقدّمات خاصّة ، بحيث إذا وجدت وجب كلّ منهما ، وإلّا فلا.
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٢٥٨ و ٢٥٩.