العقل والعقلاء مقصّرا وإن كان الواجب الّذي ترك تعلّمه ، موقّتا أو مشروطا ، ولأجل ذلك ، أفتى الفقهاء بوجوب تعلّم مسائل الشّك والسّهو قبل الابتلاء وإن لم يكن وجوب نفس الواجب فعليّا.
ثمّ إنّه قد اجيب عن الإشكال المتقدّم بوجهين آخرين ، لا يمكن المساعدة عليهما :
أحدهما : أنّه لا مانع من الالتزام بفعليّة الوجوب واستقباليّة الواجب في المشروط والموقّت قبل حصول الشّرط وحلول الوقت ، كما هو الحال في الواجب المعلّق ، ففي مثل الحجّ يكون الوجوب فعليّا قبل أشهره ، والواجب (نفس الحجّ) استقباليّا. وعليه ، فتجب مقدّماته الّتي منها التّعلّم.
وفيه : أنّ هذا مبتن على القول برجوع القيود إلى المادّة ، لا إلى الهيئة ، وقد تقدّم في مباحث الأوامر ، أنّ الظّاهر هو رجوعها إلى الهيئة ومعه يصير الوجوب كالواجب استقباليّا.
ثانيهما : أنّ التّعلّم يكون واجبا نفسيّا تهيئيّا لواجب آخر ، ولا بدع فيه ، وعليه ، فيجب التّعلم قبل حصول الشّرط أو حلول الوقت ، ولو تركه فأدّى تركه إلى ترك الواجب في وقته ، كان مقصّرا مستحقّا للعقوبة. (١)
وفيه : أوّلا : أنّه خلاف ظاهر الأدلّة ؛ إذ ظاهرها ـ لو قيل : بوجوب التّعلم شرعا ـ هو الوجوب المقدّمي أو الطّريقي لأجل العمل ، لا النّفسي ، وما هو النّفسي ليس إلّا المعرفة والتّعلّم للمعارف الإلهيّة ؛ وثانيا : أنّ نفسيّة الوجوب تنافي تهيّئيّته ، فلا تجتمعان ؛ وثالثا : أنّه لو قيل : بوجوبه النّفسي ، لزم انه لو ترك الفحص فأدّى إلى
__________________
(١) راجع ، أنوار الهداية : ج ٢ ، ص ٤٢٨.