ترك الواقع ، ان يعاقب التّارك إمّا على خصوص ترك الفحص والتّعلّم ، أو على تركه وترك الواقع بعقابين.
وأنت ترى ، أنّ العقاب على خصوص ترك الفحص ، بعيد غاية البعد ؛ وأبعد منه هو العقاب على تركه وترك الواقع ، فيتعيّن العقاب على ترك خصوص الواقع ، وقضيّة هذا هي طريقيّة وجوب التّعلّم ، لا نفسيّته ، فالمناسب أن يقال : إنّ وجوبه غيريّ تهيّئيّ. هذا تمام الكلام في المورد الثّاني.
المورد الثّالث : هل يجب تعلّم الأحكام بمجرّد احتمال الابتلاء بها ولو لم يعلم المكلّف أو لم يطمئنّ بابتلائه بها ، أو يجب على تقدير العلم أو الاطمئنان بالابتلاء بها فقط؟ وجهان :
ذهب المشهور إلى الأوّل وهو الحقّ ؛ إذ هذا هو مقتضى إطلاق أدلّة وجوب التّعلّم ؛ وتوهّم تقييده بموارد العلم أو الاطمئنان بالابتلاء ، مندفع بندرة هذه الموارد ، فيلزم تقييد الأكثر وهو مستهجن ، كما لا يخفى.
وعليه : فلا يبقى المجال للقول بوجوب التّعلّم على تقدير العلم والاطمئنان فقط ، تمسّكا باستصحاب عدم الابتلاء ، في مورد احتمال الابتلاء ، فإذا احرز عدمه ولو بالتّعبّد ، فلا يجب التّعلم.
ثمّ إنّه بقى هنا شيء وهو أنّ العمل الجاهل المقصّر قبل الفحص ، باطل بلا إشكال على تقدير عدم انكشاف الحال بالحجّة ، ونتيجة هذا البطلان ، عدم الإجزاء وعدم جواز الإجتزاء به في موقف الامتثال بحكم العقل ، حيث إنّ مطابقة العمل للواقع غير محرزة.