ومنها : البحث عن ثبوت استحباب العمل ، بفتوى الفقيه ، نظرا إلى صدق عنوان البلوغ عليها وفي فرض الصّدق ثبت الاستحباب بها.
وجه عدم المجال لهذا البحث ـ أيضا ـ هو ما عرفت : من عدم دلالة الأخبار على الاستحباب.
بقي هنا أمران :
الأوّل : لا يخفى عليك : أنّ أخبار «من بلغ» تختصّ بما بلغ فيه الثّواب فقط ، فلا تعمّ ما ثبتت حرمته بعموم أو إطلاق ، فإذا قام خبر ضعيف على ترتّب الثّواب على عمل وقامت حجّة معتبرة على حرمة ذلك العمل ، لا ترفع اليد عن تلك الحجّة المعتبرة بذلك الخبر الضّعيف لترتّب العقاب على العمل المفروض حرمته بحجّة معتبرة.
الثّاني : قد يقال : بعدم الفرق بين القول بدلالة أخبار «من بلغ» على الحكم المولويّ والاستحباب أو دلالتها على حجّيّة الخبر الضّعيف ، وبين القول بدلالتها على الإرشاد إلى حكم العقل بحسن الانقياد ؛ إذ مقتضى كلا القولين هو ترتّب الثّواب على العمل الّذي بلغ الثّواب عليه ، فلا فائدة ولا ثمرة في البحث عن الدّلالة على الحكم المولويّ أو الدّلالة على حجّيّة الخبر الضّعيف أو الدّلالة على الإرشاد إلى حكم العقل.
هذا ، ولكن الشّيخ الأنصاري قدسسره قد تعرّض أنّه تظهر الثّمرة بين القولين في موردين : أحدهما : لو دلّ خبر ضعيف على غسل المسترسل من اللّحية ، فيحكم بجواز المسح ببلّته في الوضوء ، بناء على ثبوت الاستحباب والحكم المولويّ بالخبر الضّعيف ، وعدم جواز المسح بتلك البلّة ، بناء على عدم ثبوت الاستحباب ، حيث إنّه لا يحرز حينئذ كون غسل المسترسل من أجزاء الوضوء حتّى يجوز المسح ببلّته.