وأورد قدسسره عليه بعدم دليل من إطلاق أو عموم على جواز الأخذ من بلّة الوضوء مطلقا ، إنّما المتيقّن الثّابت هو جواز الأخذ للمسح من أجزاء بلّة الوضوء الأصليّة الواجبة ، وغسل المسترسل من اللّحية ليس منها ، فالقول باستحباب غسل المسترسل منها ولو صحّ ، لا يستلزم جواز المسح ببلّته.
ثانيهما : ارتفاع الحدث بالوضوء الّذي دلّ خبر ضعيف عليه لغاية خاصّة ، كالنّوم والأكل ، بناء على القول بثبوت الاستحباب بهذا الخبر ، وعدم ارتفاع الحدث بذلك الوضوء ، بناء على القول بعدم ثبوته. (١)
وقد اشكل عليه : بأنّه لم تثبت رافعيّة كلّ وضوء مستحبّ ، للحدث ، ألا ترى ، استحباب الوضوء للجنب والحائض لبعض الغايات ، كالنّوم والأكل ، مع أنّه لا يرتفع بها الحدث ، وكذا الوضوء التّجديديّ فهو مع استحبابه ، لا يرفع الحدث.
وفيه : أنّ عدم ارتفاع الحدث الأصغر بوضوء الحائض والجنب ، إنّما هو لعدم قابليّة المورد للارتفاع ، لكونهما محدثين بالحدث الأكبر ، والكلام هنا في مورد القابل ، فلا مجال لهذا الانتقاض ، كما لا مجال له بالوضوء التّجديديّ ؛ إذ عدم رافعيّته للحدث يكون من باب السّلب بانتفاء الموضوع ، حيث لا حدث حتّى يرفع به ، فلا إشكال على هذه الثّمرة.
نعم ، لو قلنا : باستحباب الوضوء نفسيّا بلا حاجة إلى قصد غاية ، فلا محلّ لهذه الثّمرة ـ أيضا ـ لكون الوضوء على هذا المبنى مستحبّا ذاتا ، رافعا للحدث ، سواء كان مستحبّا ـ أيضا ـ لغاية خاصّة من الغايات ، أم لا.
هذا تمام الكلام في المقام الأوّل (أصالة البراءة).
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٢ ، ص ١٥٨.