الخطابات الشّرعيّة الأوليّة تعمّ صورتي مصادفة القطع للواقع ومخالفته ، أم لا؟ وجهان : فعلى الأوّل : يندرج المتجرّي في عموم الخطابات الشّرعيّة حقيقة ؛ وعلى الثّاني لا يندرج ، كما هو واضح ، فالبحث حينئذ يكون عن عموم الخطابات وعدمه ، فيصير اصوليّا.
وفيه : أنّ البحث الاصوليّ والمسألة الاصوليّة في الإطلاقات أو العمومات ، ليس إلّا عن حجّيّتها ، ومرجعه إلى البحث عن حجّيّة الظّهورات ، فيقال ـ على نحو مفاد كان النّاقصة ـ يكون العموم أو الإطلاق حجّة ؛ أو يقال ـ على نحو الهليّة المركّبة ـ هل العموم أو الإطلاق حجّة ، أم لا؟
وأمّا البحث عن مفاد الإطلاق أو العموم أو عن وجودهما في مورد على نحو مفاد «ما الشّارحة» أو «الهليّة البسيطة» فليس اصوليّا ، كما هو واضح ، فهل يمكن أن يقال : مثلا ، إنّ البحث عن شمول إطلاق : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) للبيع الفعليّ وهو المعاطاة وعدم شموله له يكون اصوليّا؟ أو يقال : مثلا ، إنّ البحث عن شمول عموم : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) للبيع المنعقد بلفظ غير عربيّة وعدم شموله له ، يكون اصوليّا؟
ولقد أجاد الإمام الرّاحل قدسسره فيما أفاده في المقام ، ردّا على مقالة المحقّق النّائيني قدسسره حيث قال : «فيه ما لا يخفى : فإنّ دعوى إطلاق الخطاب وعمومه لا يدرج المسألة في سلك المسائل الاصوليّة ، فإنّها بحث صغرويّ مندرج في الفقهيّات ، وقد عرفت : أنّ المسائل الاصوليّة هي الكبريات المستنتجة لكلّيّات الفروع ، كالبحث عن حجّيّة أصالة العموم والإطلاق ، لا البحث عن شمولهما لموضوع ؛ ولو كان البحث الكذائي من المسائل الاصوليّة ، للزم إدراج جلّ المسائل الفقهيّة في الاصول ، فإنّه قلّما يتّفق في