القطع موضوعا) أو الحرمة (فيما إذا كان متعلّق القطع حكما) يصير حراما بحدوث مفسدة فيه مع كونه ماء مباحا غير حرام.
وفيه : أنّه لا شأن للقطع الطّريقي ، إلّا الطّريقيّة والمرآتيّة ، ولا صنع له إلّا المنجّزيّة والمعذريّة ، كسائر الأمارات والطّرق المعتبرة ، فلا يكون دخيلا في الملاكات مطلقا ، لا تمام الدّخل ولا بعضه ، ولا يكون من محدثات المناطات من المصالح والمفاسد ، بل الملاكات تدور مدار نفس العمل حدوثا وبقاء ، وجودا وعدما ، فهل ينبغي لأحد أنّ يتفوّه بأنّ القطع بخمريّة الخلّ يوجب حدوث مفسدة الخمريّة فيه؟ وهل يمكن أن يقال : القطع بكون هذا الماء سمّا ، يجعله سمّا ، ويوجب ترتّب آثار السّمّ عليه؟
هذا في القطع المتعلّق بالموضوع ، والأمر في القطع المتعلّق بالحكم كذلك ـ أيضا ـ فهل ينبغي أن يقال : بأنّ القطع بحرمة الخلّ يجعله حراما ، أو القطع بحرمة الماء يوجب انقلابه من حكم الحلّيّة إلى الحرمة بإحداث ملاك الخمريّة ـ مثلا ـ فيهما؟
وبالجملة : الملاك وهو المصلحة والمفسدة ، أمر عينيّ تكوينيّ مترتّب على نفس العمل بلا دخل للقطع فيه أصلا ، فملاك حرمة الخمر يكون في نفسه ، وملاك وجوب الصّلاة يكون في نفسها ، ولا معنى لدخل القطع فيه. نعم ، هو دخيل في التّنجيز والتّعذير فقط.
الوجه الثّانى : أنّ التّجرّي وارتكاب مقطوع الخمريّة ـ مثلا ـ كاشف عن خبث باطن الفاعل وسوء سريرته ، وكون المتجرّي في مقام الطّغيان وهتك الحرمة ، وهذا يوجب خبث الفعل عقلا ، فيحكم بحرمته شرعا لقاعدة الملازمة.