نفس هذا الحكم ، للزوم الدّور» (١).
تقريب الدّور هو توقّف القطع بالحكم على وجود الحكم ، والمفروض توقّف الحكم ـ أيضا ـ على القطع به لكونه موضوعا.
هذا ، ولكن التّحقيق يقتضي التّفصيل بين القطع المأخوذ تمام الموضوع ، فلا يلزم فيه محذور الدّور ، وبين المأخوذ جزءه ، فيلزم فيه محذور الدّور ؛ ضرورة ، أنّ القطع في فرض ما إذا اخذ جزء الموضوع ، يكون موضوعا مع الواقع ؛ ولذا لا حكم لو لم يصب القطع.
وعليه : فالقطع بالحكم يتوقّف على وجود الحكم ، والمفروض توقّف الحكم على القطع ـ أيضا ـ لكونه جزء الموضوع ، وكما يتوقّف الحكم على تمام الموضوع ويكون في طوله ، كذلك يتوقّف على جزءه ويكون في طوله ، وهذا هو الدّور المصرّح.
وأمّا في فرض ما إذا اخذ القطع تمام الموضوع ، سواء أصاب أم لم يصب ، فلا يتوقّف القطع على وجود الواقع المقطوع به المعلوم بالعرض ، بمعنى : لا يتوقّف القطع بالحكم على أن يكون ذلك الحكم موجودا في الخارج ، بل يتوقّف على الحكم بصورته الذّهنيّة المعلومة بالذّات. ومن المعلوم : عدم توقّف هذه الصّورة على القطع ، بل المتوقّف عليه إنّما هو الحكم بوجوده العيني الخارجي ، فلا يلزم الدّور.
وبعبارة اخرى : المتوقّف عليه القطع غير المتوقّف على القطع ؛ إذ المتوقّف عليه القطع هو المعلوم بالذّات وهي الحكم بصورته الذّهنيّة ووجوده العلميّ ، وأمّا المتوقّف على القطع هو المعلوم بالعرض وهو الحكم بوجوده العينيّ الخارجيّ أو
__________________
(١) كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٢٥.