الجعليّ الاعتباريّ ، ومعه فلا دور في البين ؛ لعدم التّوقّف إلّا من أحد الطّرفين.
ومن هنا يظهر : أنّه لا مجال لما عن المحقّق الخراساني قدسسره من لزوم الدّور مطلقا ، وكذا ما عن السّيّد البروجردي قدسسره من أنّ معنى كون القطع مأخوذا في موضوع حكم ، عدم تحصّل هذا الحكم مع قطع النّظر عنه ؛ ومعنى كونه متعلّقا بهذا الحكم ، تحصّل الحكم مع قطع النّظر عنه ، ومرجع ذلك إلى كون القطع بالنّسبة إلى حكم واحد طريقيّا وموضوعيّا ، فيلزم كون الحكم متحصّلا في حد نفسه على الطّريقيّة ، وغير متحصّل على الموضوعيّة ، فيجتمع النّقيضان. (١)
ثمّ إنّ شيخنا الاستاذ الآملي قدسسره قد التزم بأنّه ليس هنا محذور الدّور ، بل محذور آخر وهو التّهافت في اللّحاظ. أمّا عدم محذور الدّور ، فقال في تقريبه : إنّ الحكم وإن يتوقّف على القطع ؛ لكونه في رتبة موضوعه ، لكنّ القطع بالحكم لا يتوقّف على الحكم ، فقد يحصل القطع ولا مقطوع به واقعا.
وبعبارة اخرى : المعلوم على قسمين : أحدهما : بالذّات ؛ وثانيهما : بالعرض ؛ وما يتوقّف القطع والعلم عليه هو الأوّل ، وهي الصّورة الحاصلة للنّفس ؛ وأمّا الثّاني وهو الأمر الخارج عن صقع النّفس ، فلا يتوقّف القطع عليه ، فلا دور.
وأمّا المحذور الآخر (التّهافت في اللّحاظ) : فقال في تقريبه : إنّ القطع وإن كان لا يحتاج إلى وجود المقطوع به ، إلّا أنّه بالنّظر إلى كونه موضوعا ، يرى متقدّما ويلاحظ سابقا ، وبالنّظر إلى كونه متعلّقا بالحكم ، محتاجا إليه ـ لكونه من الصّفات الحقيقيّة ذوات الإضافة ـ يرى متأخّرا عن الحكم ويلاحظ لاحقا ، فيلزم اجتماع
__________________
(١) راجع ، نهاية الاصول : ص ٤٠٣.