الرّواية بما إذا تعذّر بعض أفراد الطّبيعة لا بعض أجزاء الكلّ ، كما هو مورد الكلام في المقام ، بدعوى : أنّ غير المتعذّر من أفراد الطّبيعة كان وجوبه ثابتا قبل طروّ التّعذّر ، فيصدق أنّه لا يسقط بتعذّر غيره ، بخلاف غير المتعذّر من أجزاء الكلّ والمركّب ، فإنّه كان واجبا بوجوب ضمنيّ ، قد سقط بتعذّر الواجب الاستقلاليّ وهو المركّب. (١)
وفيه : أنّ «المركّب» و «الكلّ» ليس إلّا الأجزاء بالأسر ، فوجوب الأجزاء ليس وجوبا آخر ، وفي ضمن وجوب الكلّ ، بل تجب الأجزاء بنفس وجوب الكلّ ، والمفروض سقوط الوجوب بالنّسبة إلى الكلّ لأجل التّعذّر ، فيبقى بالنّسبة إلى الباقي بمقتضى الحديث.
فتحصّل : أنّه لا قصور في دلالة الرّوايتين الأخيرتين على وجوب الإتيان بالباقي إذا تعذّر الإتيان بالكلّ ، نعم ، لا بدّ وأن يصدق على الباقي عنوان الميسور عرفا ، وإلّا فلو تعذّر معظم الأجزاء من الكلّ ولم يبق إلّا قليل ، يسير منها بحيث لا يصدق على هذا أنّه ميسور ذاك ، لم تجر قاعدة الميسور أصلا ، ومن هنا لم يتمسّك الإمام الصّادق عليهالسلام في صحيحة عبد الأعلى مولى آل سام (٢) ، الدّالّة على كفاية المسح على المرارة عن المسح على البشرة ، بقاعدة الميسور ، بل تمسّك بآية «نفي الحرج» وليس وجه ذلك إلّا عدم صدق ميسور المسح على البشرة ، على المسح على المرارة.
ولقد أجاد المحقّق العراقي قدسسره في ما أفاده في المقام ، حيث قال : «وكيف كان ،
__________________
(١) راجع ، مصباح الاصول : ج ٢ ، ص ٤٨٤ و ٤٨٥.
(٢) راجع ، وسائل الشّيعة : ج ١ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٣٩ من أبواب الوضوء ، الحديث ٥ ، ص ٣٢٧.