فلا شبهة في أنّه يعتبر في هذه القاعدة أن يكون الميسور من الأجزاء المقدورة ممّا يعدّ كونه عرفا من سنخ المأمور به وبعضه وميسوره ؛ لأنّ ذلك هو الظّاهر المنساق من هذه الأخبار ، فلا إطلاق لها يشمل ما يعدّ بسبب قلّة الأجزاء المقدورة مبائنا مع الكلّ والمركّب». (١)
فالتّحقيق هو عدم تماميّة قاعدة الميسور ، نعم ، لا بدّ من الإتيان بغير المتعذّر من الأجزاء في بعض الموارد ، لا لقاعدة الميسور ، بل لأجل أدلّة مختصّة بتلك الموارد ، كالصّلاة الّتي لا تسقط ، ولا تترك بحال ، للإجماع والرّوايات الواردة في بابها.
التّنبيه الخامس : إذا علم إجمالا باعتبار أمر في المأمور به ، ولكنّه مردّد بين كونه جزءا ، أو شرطا له كي يجب فعله ، وبين كونه مانعا أو قاطعا عنه كي يجب تركه ، فهل الحكم هنا هو التّخيير أو الاحتياط بتكرار العمل ، أو لا هذا مطلقا ، ولا ذاك مطلقا ، بل لا بدّ من التّفصيل؟ وجوه :
والحقّ هو الوجه الأخير (التّفصيل) ، فإذا فرض وحدة الواقعة بلا تعدّد فيها أصلا ، يكون الحكم فيه هو التّخيير لا محالة ، نظير ما إذا ضاق وقت الصّلاة بحيث لا يتمكّن المكلّف إلّا من الإتيان بواحدة ، ودار الأمر بين الإتيان بها عاريا أو في ثوب متنجّس بنجاسة ؛ وذلك ، لأجل ما في هذا الفرض من تعذّر الاحتياط والموافقة القطعيّة ، وعدم جواز التّرك رأسا والمخالفة القطعيّة ، بل لا بدّ من الموافقة الاحتماليّة الّتي لا تحصل إلّا بالتّخيير.
وأمّا إذا فرض تعدّد الواقعة ، فهو على قسمين :
__________________
(١) نهاية الأفكار : ج ٢ ، ص ٤٥٨.