وبالجملة : بناء على القول بكون الاستصحاب من الأمارات ، لا يصحّ تعريفه بالحكم بالبقاء ؛ ضرورة ، أنّ الأمارة ليست من مقولة الحكم ، بل تكون ممّا ينكشف به الحكم ، بخلاف القول بكونه من الاصول العمليّة ، كما هو واضح.
ومن هنا ظهر ، أنّ ما تقدّم عن الشّيخ الأنصاري قدسسره والمحقّق الخراساني قدسسره من تعريف الاستصحاب غير سديد ؛ إذ ليس في روايات الاستصحاب الّتي عمدتها صحاح زرارة الثّلاثة ، عين ولا أثر لهذا التّعريف ، بل المستفاد منها هو حرمة نقض اليقين بالشّكّ من حيث العمل ، والحكم ببقاء اليقين من هذا الحيث في ظرف الشّكّ.
(الاستصحاب من المسائل الاصوليّة)
الأمر الثّاني : هل البحث عن الاستصحاب اصوليّ أو فقهيّ.
تنقيح ذلك يقتضي أن يقال : إنّه لا شكّ في أنّ الغرض من تدوين الاصول هو تحرير أحد أمرين نافعين للفقيه المتصدّي للوصول إلى الأحكام الكلّيّة الإلهيّة :
أحدهما : ما يصلح أن يقع وسطا لإثباتها بحيث تكون نسبته إلى الأحكام الكلّيّة نسبة الكبرى إلى النّتيجة ، أو نسبة ما به يستنبط ، إلى المستنبط ، لا نسبة الكلّي إلى الأفراد والطّبيعيّ إلى المصاديق.
ثانيهما : ما ينتهي إليه الفقيه من الوظائف العمليّة المقرّرة من العقليّ أو النّقليّ عند عدم انكشاف الواقع لديه بعلم أو علميّ ، وعند عدم وجود وسط لإثبات الأحكام الكليّة.
وعليه : فكلّ مسألة دخيلة في أحد ذينك الغرضين ، تكون من المسائل