(تذكرة)
ما ذكرناه من اندراج الاستصحاب في المسائل الاصوليّة إنّما هو في الاستصحاب الجاري في الشّبهات الحكميّة ، كاستصحاب حرمة وطء الحائض بعد انقطاع الدّم وقبل الاغتسال ؛ وذلك ، إمّا لأجل ما أشرنا إليه من المعيار للمسألة الاصوليّة ، أو ما أشار إليه الشّيخ الأنصاري قدسسره من أنّ المعيار هو اختصاص تطبيقها على مواردها بالمجتهد ، حيث إنّ التّطبيق المذكور يحتاج إلى الفحص عن الأدلّة الّذي ليس في وسع الجهل العاميّ.
نعم ، ما أفاده قدسسره من المعيار لا يخلو عن الإشكال ؛ لاندراج كثير من القواعد الفقهيّة تحت تلك الضّابطة ، كقاعدة الطّهارة والحلّ في الشّبهات الحكميّة ، وكقاعدة نفوذ الصّلح والشّرط وعدم نفوذهما باعتبار مخالفتهما للكتاب والسّنّة وعدم مخالفتهما لهما ؛ وذلك ، لاختصاص التّطبيقات في هذه الموارد بالمجتهد الفاحص العارف بالكتاب والسّنّة.
وأمّا الاستصحاب الجاري في الشّبهات الموضوعيّة ، فهو من القواعد الفقهيّة المطبّقة على مواردها ، كتطبيق الكلّيّ على مصاديقه ، نظير قاعدة الفراغ ونحوها ، فيكون حينئذ ممّا ينطبق على الصّغريات ، لا ممّا يستنبط منه الأحكام الكلّيّة ، فيعتبر اليقين السّابق والشّكّ اللّاحق من كلّ مكلّف في جريان الاستصحاب بالنّسبة إلى تكليف نفسه ، مقلّدا كان أو مجتهدا ، فلو كان المقلّد متيقّنا بالطّهارة من الحدث الأكبر أو الأصغر ، أو بالطّهارة من الخبث ، فرجع إلى المجتهد ولم يكن له بدّ من الإفتاء بإبقاء الطّهارة من حيث الجري العمليّ وإن كان هو نفسه متيقّنا بكون المقلّد فاقدا للطّهارة ،