خارجا عن الاختيار ـ حتّى في فرض تعلّق النّقض بالمتيقّن ـ بل المراد هو النّهي بحسب البناء والجري العمليّ ، فإذا لا ملزم لحمل اليقين على المتيقّن وإرادة المعنى المجازيّ الّذي هو أقرب إلى مفهوم النّقض ، منه وهو الشّيء الّذي يكون فيه استعداد للاستمرار واقتضاء للبقاء. هذا تمام الكلام في التفصيل الأوّل (جريان الاستصحاب عند الشّكّ في الرّافع ، وعدمه عند الشّكّ في المقتضي).
(الشّكّ في وجود الرّافع)
وأمّا التّفصيل الثّاني (جريان الاستصحاب عند الشّكّ في وجود الرّافع ، وعدمه عند الشّكّ في رافعيّة الموجود) ، فتقريبه : أنّه إذا كان الشّكّ في أصل وجود الرّافع ، كان رفع اليد عن اليقين السّابق المتعلّق بحدوث الشّيء ، نقضا لليقين بالشّكّ وهو غير جائز بمقتضى قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشّكّ» في أدلّة الاستصحاب ؛ وأمّا إذا كان الشّكّ في رافعيّة ما هو موجود قطعا ، فرفع اليد عن اليقين السّابق كان نقضا لليقين باليقين بوجود محتمل الرّافعيّة ، لا نقض له بالشّكّ ، ولا فرق فيه بين أن تكون الشّبهة موضوعيّة ، كالشّكّ في البلل الخارج بعد تحصيل الطّهارة ، بأنّه هل هو بول ، أو مذي؟ وبين أن تكون الشّبهة حكميّة ، كالشّكّ في ناقضيّة الرّعاف ، أو الخفقة ، أو الخفقتين ، فرفع اليد عن اليقين بالطّهارة في المثالين إنّما هو لأجل اليقين بوجود ما يحتمل رافعيّته وناقضيّته ، لا لمجرّد الشّكّ في رافعيّة الموجود وناقضيّته ولو لم يكن هناك يقين بوجوده.
وفيه : أنّ نقض اليقين باليقين إنّما هو يصدق إذا تعلّق اليقين الثّاني بارتفاع