متعلّق اليقين الأوّل ، كما إذا تيقّن بارتفاع الطّهارة ، أو العدالة المتيقّنة ، أو تيقّن بوجود ما هو يرفعهما قطعا ، وأمّا اليقين بوجود شيء يحتمل كونه رافعا ويشكّ في رافعيّته لشيء ، فليس ناقضا لليقين المتعلّق بذلك الشّيء ؛ إذ اليقين المفروض ليس يقينا بارتفاعه أو بوجود ما يرفعه قطعا حتّى ينافي اليقين به ويناقضه ، بل يكون يقينا بمجرّد وجود شيء وشكّا في رافعيّته ، فلو رفعت اليد عن اليقين الأوّل في الفرض كان رفع اليد عن اليقين بالشّكّ ونقضا له به ، لا رفع اليد عن اليقين باليقين ونقضا له به.
والحاصل : ليس الشّكّ في رافعيّة الموجود إلّا شكّا في وجود الرّافع بما هو رافع وإن كان يقينا بأصل وجوده ، فيصير مجرى للاستصحاب.
(الشّكّ في الحكم التّكليفي والوضعيّ)
وأمّا التّفصيل الثّالث (جريان الاستصحاب عند الشّكّ في الحكم التّكليفيّ وعدمه عند الشّكّ في الحكم الوضعيّ) : فالتّحقيق فيه يستدعي بيان كيفيّة جعل الحكم الوضعيّ من أنّه هل يكون مجعولا مستقلّا مطلقا ، أو يكون منتزعا من الحكم التّكليفيّ ومجعولا بتبعه مطلقا ، أو يفصّل بين بعض فيكون مجعولا مستقلّا ، وبعض آخر فيكون منتزعا ، وجوه : والأخير هو الصّحيح.
توضيح ذلك : أنّ الحكم الوضعيّ ـ كما أفاده المحقّق الخراساني قدسسره (١) ـ على ثلاثة أقسام :
الأوّل : ما لا يتطرّق إليه الجعل التّشريعيّ أصلا ولو تبعا وإن كان مجعولا
__________________
(١) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣٠٢ و ٣٠٣.