(تنبيهات الاستصحاب)
(فعليّة اليقين والشّكّ)
التّنبيه الأوّل : أنّه لا إشكال ولا خلاف في أنّ مقتضى أدلّة الاستصحاب من الصّحاح الثّلاث المتقدّمة وغيرها ، هو اعتبار اليقين بالحدوث والشّكّ في البقاء إذا كانا فعليّين ، فظاهر كبرى قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشّكّ» هو أنّ اليقين الفعليّ بحدوث شيء ، لا ينقض بالشّكّ الفعليّ في بقاءه ، فلا اعتبار باليقين أو الشّكّ التّقديريّ ، كما أنّ قوله تعالى : (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ)(١) ظاهر في رجسيّة ما هو خمر بالفعل ، فلا حرمة لما لا يكون خمرا فعلا بل معلّق على شيء ، كالعصير العنبيّ الّذي يصير خمرا إذا غلى ، وكذا قوله عزوجل : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ)(٢) ظاهر في حرمة الحيوان الّذي يكون ميتة بالفعل دون المعلّق على شيء كالّذي صار ميتة إذا مات حتف أنفه أو ذبح بوجه غير شرعيّ.
ثمّ إنّ الشّيخ الأنصاري قدسسره (٣) وكذا المحقّق الخراساني قدسسره (٤) تبعا له قد فرّعا على هذا التّنبيه فرعين :
الفرع الأوّل : من أحدث ثمّ غفل وصلّى ، ثمّ شكّ في أنّه تطهّر قبل الصّلاة أم لا؟ فقد حكما قدسسرهما بعدم جريان استصحاب الحدث بالنّسبة إلى الصّلاة الّتي صلّيها
__________________
(١) سورة المائدة (٥) ، الآية ٩٠.
(٢) سورة المائدة (٥) ، الآية ٣.
(٣) راجع ، فرائد الاصول : ج ٣ ، ص ٢٥.
(٤) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣٠٨.