(الاستصحاب الفعليّ والاستقباليّ)
التّنبيه الثّاني : إنّ عموم التّعليل الوارد في بعض أدلّة الاستصحاب ، نظير قوله عليهالسلام : «فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشّكّ ...» وكونه ارتكازيّا ، يقتضي عدم الفرق في حجّيّة الاستصحاب بين الاستصحاب الفعليّ ، بأن يكون المتيقّن سابقا والمشكوك فيه فعليّا ـ كأكثر موارد الاستصحاب ـ وبين الاستصحاب الاستقباليّ ، بأن يكون المتيقّن فعليّا والمشكوك فيه استقباليّا ، كاليقين بالقدرة على القيام في الصّلاة حين الإتيان بالتّكبيرة والشّكّ في بقاءها إلى إتيان سائر الأجزاء.
ولا يقدح في هذا التّعميم ، اختصاص مورد بعض الأدلّة بالاستصحاب الفعليّ ، كقوله عليهالسلام : «لأنّك كنت على يقين من طهارتك فشككت».
نعم ، يعتبر في جريان الاستصحاب الاستقباليّ كالفعليّ ، ترتّب الأثر الحاليّ عليه ؛ ولذا لا يجري في مثل مورد اليقين بعدالة زيد في اليوم الحاضر مع الشّكّ في بقاءها غدا لعدم ترتّب ثمرة فعليّة عليه ، بخلاف مورد جواز البدار لذوي الأعذار ، فيجري فيه الاستصحاب الاستقباليّ لترتّب الأثر الحاليّ.
توضيح ذلك : أنّ العاجز عن شطر واجب أو شرطه في أوّل الوقت إذا علم ببقاء عجزه إلى آخر الوقت ، فلا إشكال في أنّه يجوز له البدار ، كما أنّه إذا علم بزوال عذره إلى آخر الوقت ، لا يجوز له البدار ، بل يجب عليه الانتظار ، لكون المأمور به هو طبيعيّ العمل ، لا خصوص العمل في أوّل الوقت ، فلا يجوز له الإتيان بالفاقد النّاقص في أوّل الوقت ، إلّا مع تعذّر جميع أفراد الواجد التّام.