وجود أصل منقّح للموضوع معيّن للفرد ـ بين الأقوال الثّلاثة في الحدثين (الأصغر والأكبر) من كونهما متضادّين ، أو متّحدين ، أو متخالفين ، فعلى القول بتضادّ الحدثين يقال في الفرع المتقدّم : (لو كان محدثا بالأصغر فخرج منه بلل مردّد بين البول والمني ثمّ توضّأ فشكّ في بقاء الحدث) : كان الحدث الأصغر متيقّنا ويشكّ في تبدّله بالأكبر ، فالأصل عدم التّبدّل ، وعلى القول باتّحادهما حسب الحقيقة واختلافهما حسب المرتبة من جهة القوّة والضّعف يقال فيه : كانت المرتبة الضّعيفة متيقّنة ، والأصل عدم حدوث المرتبة القويّة ، وعلى القول بتخالفهما ، نظير السّواد والحلاوة ، يقال فيه : الأصل عدم اجتماع الأكبر المشكوك مع الأصغر المتيقّن.
فتحصّل : أنّ استصحاب القسم الثّاني من الكلّيّ ، إنّما يجري إذا لم يكن في البين أصل منقّح معيّن للفرد ، وإلّا فلا يجري كما في الفرع المتقدّم ، بلا تفاوت في عدم جريانه بين الأقوال الثّلاثة في الحدثين.
(الشّبهة العبائيّة)
اعلم ، أنّ هنا شبهة وهي معروفة بالشّبهة العبائيّة (١) ومبنيّة على القول بطهارة الملاقي لأحد أطراف الشّبهة المحصورة ، تقريب ذلك : أنّه لو علم بنجاسة أحد طرفي العباء ، وغسل أحد طرفيه ثمّ لاقى شيء لهذا الطّرف المغسول ، لا يحكم بنجاسة الملاقي ؛ وذلك ، للعلم بطهارة الملاقى من طرف العباء بعد غسله ، إمّا لأجل الطّهارة السّابقة ، أو لأجل الطّهارة الطّارئة بعد الغسل ، وكذا لا يحكم بنجاسة الملاقي للطّرف
__________________
(١) هذه الشّبهة منسوبة إلى العالم التّقي الفحل السّيّد اسماعيل الصّدر قدسسره.