هذه هي الوجوه المتمسّك بها لدفع الشّبهة العبائيّة ، وقد عرفت ضعف بعضها ، ولكن التّحقيق في دفعها يقتضي أن يقال ـ تبعا للمحقّق العراقي قدسسره ـ : بأنّه لا يحكم بنجاسة الملاقي في مسألة العباء لو استصحبت نجاسته ، وجه ذلك : أنّ نجاسة الملاقي إنّما تكون من آثار نجاسة الملاقى وأحكامها على نحو مفاد «كان النّاقصة» وأنت تعلم ، أنّ هذا العنوان لا حالة له سابقة متيقّنة ؛ إذ كلّ واحد من طرفي العباء يكون مشكوك النّجاسة قبل غسل أحد طرفيه ، وبعد غسله يكون طرف المغسول طاهرا قطعا ، والطّرف غير المغسول مشكوك النّجاسة من أوّل الأمر ؛ وأمّا استصحاب الجامع بين المحلّين مع قطع النّظر عن الانطباق على أحدهما ، فلا مجال له لعدم قبول الجامع بما هو هو للنّجاسة والطّهارة.
نعم ، يقبل الجامع والطّبيعيّ ، النّجاسة على تقدير الانطباق وتحقّقه بتحقّق الطّرف أو الفرد ، والمفروض أنّ الطّرف هنا ، إمّا هذا الطّرف ، أو ذاك (في الدّوران بين المحلّين) كما أنّ الفرد هنا إمّا هذا الفرد ، أو ذاك (في الدّوران بين الفردين) وقد عرفت : حال الطّرفين ، أو الفردين وأنّه لا يقين سابقا بهما.
وأمّا استصحاب نجاسة القطعة الشّخصيّة المردّدة ، فهو كاستصحاب الفرد المردّد الّذي لا يجري ؛ وأمّا استصحاب وجود النّجاسة في العباء على وجه مفاد «كان التّامّة» فهو جار لتماميّة أركانه ، لكنّه غير مجد لإثبات نجاسة الملاقي ؛ إذ هو إنّما يكون من آثار نجاسة الملاقى بنحو «كان النّاقصة» حيث تسري نجاسة الملاقى إلى الملاقي.
نعم ، استصحاب صرف وجود النّجاسة يجدي في ترتيب أثر عدم صحّة الصّلاة ، لما في الأخبار من منع وجود النّجاسة في ثوب المصلّي ، أو بدنه عن صحّة