الثّالث : ما كان الشّكّ فيهما لأجل الشّكّ في اعتبار أمر كذا أو كذا في التّذكية ، كما إذا شكّ في اعتبار كون الذّبح بالحديد في التّذكية وعدمه ؛ وهذا القسم هو ما يجري فيه أصالة عدم التّذكية ، والحكم بالحرمة والنّجاسة ، كما عرفت. هذا تمام الكلام في التّنبيه الرّابع.
(استصحاب الامور التّدريجيّة)
التّنبيه الخامس : قد يقال : إنّ مقتضى اعتبار الشّكّ في البقاء في الاستصحاب ، عدم جريانه في الامور التّدريجيّة المتصرّمة غير القارّة من الزّمان والزّماني ؛ وذلك ، لعدم قرار وبقاء فيها ، بل هي امور توجد وتنصرم شيئا فشيئا ، والبقاء هو استمرار عين وجود الشّيء ـ بجميع حدوده وشئونه ـ في الآن الثّاني والثّالث وهكذا ، بعد ما حدث في الآن الأوّل ، كما مرّ ، نظير ذلك في مبحث المشتق في أسماء الزّمان ، كالمقتل ونحوه ، فقيل هناك : بخروجها عن محلّ النّزاع ، بتقريب : أنّ النّزاع إنّما يكون في الذّات الّتي انقضى عنها المبدا ، لا الذّات الّتي انقضى نفسها ، والزّمان في مثل «المقتل» يكون نفسه منقضيا مع المبدا.
وهنا ـ أيضا ـ بيان آخر بالنّسبة إلى عدم جريان الاستصحاب في الامور التّدريجيّة ، محصّله : أنّه لا بدّ في الاستصحاب من اتّحاد القضيّتين (المتيقّنة والمشكوكة) ومن المعلوم المبرهن : أنّ الامور التّدريجيّة ممّا لا شيء فيها ثابتا حتّى يكون بعينه مشكوكا بعد ما كان متيقّنا ، بل المشكوك قطعة وجزء منها ، والمتيقّن قطعة اخرى وجزء آخر ، قد انصرم وانقضى ، فالقضيّتان مختلفتان ، لا اتّحاد بينهما أصلا ، ولعلّه إلى