هذا ، ولكن دفع الشّيخ الأنصاري قدسسره هذا الإشكال من جهتين : (١)
الجهة الاولى ، ما حاصله : أنّا نفرض الشّخص الواحد مدركا للشّريعتين أو الزّمانين (زمان الحضور وزمان الغيبة) فإذا حرم أو وجب في حقّه شيء سابقا وشكّ في بقاء الحرمة أو الوجوب في الشّريعة اللّاحقة أو في الزّمان اللّاحق ، فلا مانع عن الاستصحاب أصلا ، فيجري في حقّه استصحاب عدم النّسخ وأصالة عدمه ؛ والتّسرية من الموجودين إلى المعدومين إنّما تتحقّق بالتّمسّك فيها بالاستصحاب بالتّقريب المتقدّم ، أو بإجرائه في من بقي من الموجودين إلى زمان وجود المعدومين ويتمّ الحكم في حقّ المعدومين بقيام الضّرورة على اشتراك أهل الزّمان الواحد في الشّريعة الواحدة.
وبعبارة اخرى : أنّ الحكم يثبت في حقّ المدرك للشّريعتين أو الزّمانين بالاستصحاب وأصالة عدم النّسخ ، وفي حقّ غيره بقاعدة الاشتراك في التّكليف.
وفيه : أنّ قاعدة الاشتراك إنّما يتمسّك بها مع وجود الوحدة الصّنفيّة ، بمعنى : لم يكن في البين اختلاف في الصّفة ، فلا يجوز التّمسّك بها لإثبات ما للمسافر ـ مثلا ـ من التّكليف ، للحاضر وبالعكس ، والحكم في المقام حيث يكون ظاهريّا مستفادا من الاستصحاب الملحوظ فيه اليقين السّابق والشّكّ اللّاحق ، فقاعدة الاشتراك هنا تقتضي ثبوت الحكم لكلّ من كان متيقّنا به وشاكّا في بقاءه ، كالمدركين للشّريعتين أو الزّمانين ، ولا تقتضي ثبوته لكلّ مكلّف ولو لم يكن كذلك ، كالمعدوم في الشّريعة السّابقة ، أو في زمان الحضور ، والموجود في الشّريعة اللّاحقة أو في زمان الغيبة.
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٣ ، ص ٢٢٥ و ٢٢٦.