وبالجملة : قاعدة الاشتراك إنّما تجري مع انحفاظ الموضوع ، المعبّر عنه بالوحدة الصّنفيّة ، فإذا رفع حكم عن أحد عند الشّكّ فيه لأجل البراءة ، رفع عن غيره ـ أيضا ـ لأجلها بقاعدة الاشتراك ، لكن بشرط أن يشكّ هو ـ أيضا ـ فيه ، ولا مجال لرفعه عن غير الشّاكّ تمسّكا بقاعدة الاشتراك ، والأمر في الاستصحاب كذلك ، بحيث تقتضي قاعدة الاشتراك ثبوت التّكليف بالاستصحاب لكلّ من كان متيقّنا بحدوثه وشاكّا في بقاءه لا مطلقا ، وليس الحكم في المقام من الأحكام الواقعيّة المستفادة من الطّرق والأمارات المعتبرة بلا لحاظ اليقين والشّكّ ، حتّى تقتضي قاعدة الاشتراك ثبوته لكلّ مكلّف ولو لم يكن متيقّنا بالحدوث وشاكّا في البقاء.
الجهة الثّانية ، ما حاصله : أنّ الأحكام مجعولة على نهج القضايا الحقيقيّة ، بحيث تكون ثابتة للعناوين الكلّيّة ، كالمستطيع ، والمسافر ، والحاضر ـ مثلا ـ وليست مجعولة على نهج القضايا الخارجيّة ، فإذا ثبت حكم ، كوجوب الحجّ لعنوان كالمستطيع ، فلا مانع من استصحابه عند الشّكّ في نسخه ؛ إذ موضوع القضيّتين ليس إلّا هذا العنوان الكلّيّ المتّحد ، بلا دخل لخصوصيّة الأشخاص أصلا ، وحينئذ لا قصور في المقتضي ولا إشكال فيه ، بل الإشكال إنّما هو من ناحية احتمال الرّافع وهو النّسخ ، والأصل عدمه.
وفيه : أنّ النّسخ ليس رفعا للحكم وإزالة له بعد الفراغ عن وجود الاستعداد والقابليّة للبقاء كي يكون الشّكّ فيه شكّا في الرّافع للحكم والمزيل له ؛ وذلك ، لأنّ النّسخ بمعنى : الرّفع للحكم الثّابت القابل للبقاء ، مستلزم للبداء المستحيل في حقّه تعالى ، فالنّسخ إنّما هو بمعنى : انتهاء أمد الحكم ونفاد مقتضيه واستعداده للبقاء ،