(عموم العامّ أو استصحاب حكم المخصّص)
التّنبيه الرّابع عشر : قد اختلف كلمات الأعلام في أنّ موارد التّخصيصات الأزمانيّة والأفراد الطّوليّة للعامّ ، هل يجري استصحاب حكم المخصّص أو يرجع إلى عموم العامّ ، كما في التّخصيصات الأفراديّة؟
ولا يخفى : أنّ هذا البحث ليس بكبرويّ ومن ناحية ملاحظة التّعارض بين العموم والاستصحاب ، لوضوح أنّ الاستصحاب أصل عمليّ ليس في وسعه المعارضة مع العموم الّذي هو دليل اجتهاديّ ، بل البحث في المقام صغرويّ ، وأنّه إذا ورد عامّ وخرج عنه بعض الأفراد في بعض الأحيان ، ثمّ شكّ في حكم ذلك الفرد المخرج بالنّسبة إلى ما بعد ذلك الحين ، فهل المورد من موارد الرّجوع إلى العموم ، أو من موارد الرّجوع إلى الاستصحاب ؛ وذلك نظير قوله تعالى : (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) فهو عامّ قد خرج عنه العقد الغبنيّ عند العلم بالغبن ، بدليل التّخصيص ، فإن اختصّ الخروج بزمان ظهور الغبن فقط ، كان معناه : هو الرّجوع إلى عموم (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) بعد ذلك الزّمان ، فيكون خيار الغبن فوريّا ، وإن استصحب حكم المخصّص وهو الخيار ولم يرجع إلى العامّ ، كان خيار الغبن متراخيا غير فوريّ.
ذهب الشّيخ الأنصاري قدسسره إلى التّفصيل في جانب العموم بين الصّورتين : إحداهما : ما إذا اخذ الزّمان في العموم قيدا ، بمعنى : اخذ فيه عموم الأزمان أفراديّا ، كعموم الأفراد بحيث يكون أخذ كلّ زمان ، موضوعا لحكم مستقلّ لينحلّ العموم إلى أحكام متعدّدة بتعدّد الزّمان ، فيرجع حينئذ إلى عموم العام ؛ وذلك نظير «أكرم العلماء