وأمّا إثبات القاعدة بالأصل وغيره ، فنقول : إنّه لا مجال لإجراء أصالة عدم المانع في موارد قاعدة المقتضي وترتيب الأثر والمقتضي (بالفتح) على اليقين بالمقتضي (بالكسر) إلّا بناء على الأصل المثبت ؛ وذلك ، لأنّ الأثر الشّرعيّ في مثل المثال المتقدّم وهو الطّهارة ، لا يكون مترتّبا على عدم المانع ، بل مترتّب على الغسل ووصول الماء إلى الشّيء ، وإثبات الغسل والوصول بالأصل المذكور لا يمكن إلّا بمعونة الأصل المثبت ، حيث إنّ الغسل ووصول الماء بعد صبّه ، يكون من لوازم عدم الحاجب عقلا أو عرفا وعادتا.
وكذا لا مجال ـ أيضا ـ للتّمسّك بالسّيرة وبناء العقلاء لإثبات قاعدة المقتضي والمانع ، بدعوى استقرارها على الحكم بوجود المقتضى (بالفتح) بعد اليقين بوجود المقتضي (بالكسر) مع الشّكّ في وجود المانع ، والوجه في عدم المجال له هو أنّ السّيرة غير محرزة ، بل محرزة العدم ، فهل يحكمون باحتراق المادّة المحترقة بعد العلم بوجود النّار المحرقة مع الشّكّ في وجود الرّطوبة الغالبة فيها؟ وهل يحكمون بتحقّق الغسل وترتّب أثر الطّهارة على الشّيء بعد العلم بصبّ الماء عليه مع الشّكّ في وجود المانع عن الوصول إليه؟
(وجه تقديم الأمارة على الاستصحاب)
الأمر الثّاني : إنّه لا كلام ولا خلاف في عدم جريان الاستصحاب عند قيام الأمارة ، بل هي مقدّمة عليه بلا شبهة ، إنّما الكلام في وجه تقديمها وعدم جريان الاستصحاب ، فهل هو من باب التّخصيص ، أو الورود ، أو الحكومة وجوه بل أقوال :