نظير ما إذا علم بنجاسة إناءين ثمّ علم بطهارة أحدهما إجمالا ، فلو استصحب نجاسة الإناءين لزمت منه المخالفة الالتزاميّة دون المخالفة العمليّة والتّرخيص في المعصية ، كما هو واضح ، والحكم فيها عدم جريان كلا الاستصحابين وهو مذهب الشّيخ الأنصاري قدسسره (١) خلافا للمحقّق الخراساني قدسسره (٢) حيث قال : بجريان الاستصحابين ، لوجود المقتضي إثباتا ، وفقد المانع عقلا.
ولا يخفى : أنّ ما ذهب إليه الشّيخ الأنصاري قدسسره يرجع إلى المانع الإثباتيّ من جريان الاستصحاب ، بمعنى : قصور المقتضي وعدم قابليّة روايات الاستصحاب للاستدلال بها على جريانه في طرفي العلم الإجماليّ ، بدعوى لزوم المناقضة وحدوث الاجمال ، لو عمّ دليل الاستصحاب لمثل المقام ، بتقريب : أنّ إطلاق كلمة : «الشّكّ» في قوله عليهالسلام : «لا تنقض اليقين بالشّكّ» شامل للشّكّ المقرون بالعلم الإجماليّ ـ أيضا ـ ومقتضى ذلك جريان الاستصحاب في طرفيه ، كما أنّ إطلاق كلمة : «يقين» في قوله عليهالسلام : «ولكن لا تنقضه بيقين آخر» شامل للعلم واليقين الإجماليّ ـ أيضا ـ ومقتضى ذلك عدم جريان الاستصحاب في أحد طرفيه ، وهذان الإطلاقان متناقضان ، إذ مفاد الإطلاق الأوّل إيجاب كلّيّ ، ومفاد الإطلاق الثّاني إيجاب جزئيّ ، ولا قرينة معيّنة لأخذ أحدهما ، فيصير دليل الاستصحاب مجملا ساقطا عن الاعتبار ، غير قابل للاستدلال.
وفيه : أوّلا : أنّ المراد من «اليقين» في الذّيل وهو قوله عليهالسلام : «ولكن تنقضه
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٣ ، ص ٤٠٦ و ٤٠٧.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ٢ ، ص ٣٥٦.