المفرد في كلتا الكلمتين ، ولعلّه لأجل أنّ التّعادل ممّا لا تعدّد ولا تنوّع فيه ، بل ليس له إلّا قسم واحد ، وأمّا التّرجيح فيراد منه جنس التّرجيح ؛ وقد يعبّر عنها بعنوان «التّعادل والتّراجيح» بصيغة الجمع في كلمة : «التّرجيح» ولعلّه باعتبار أنّ التّرجيح له أقسام متعدّدة ، بعضها يتأتّى من ناحية السّند ، وبعضها من ناحية الدّلالة ، وبعضها من ناحية المرجّحات الأخر الخارجيّة. وكيف كان ، والأمر سهل.
(تعريف التّعارض والتّزاحم)
الأمر الرّابع : أنّه لا بأس بالإشارة هنا إلى تعريف كلّ واحد من عنواني «التّعارض والتّزاحم» كي يتّضح الفرق بينهما ، فنقول : أمّا التّعارض ، فقد عرّفه الشّيخ الأنصاري قدسسره بقوله : «وهو لغة من العرض ، بمعنى : الإظهار ، وغلب في الاصطلاح : على تنافي الدّليلين وتمانعهما باعتبار مدلولهما ؛ ولذا ذكروا : أنّ التّعارض تنافي مدلولي الدّليلين على وجه التّناقض أو التّضاد». (١)
ولا يخفى : أنّ مراده قدسسره هو أنّ التّعارض تنافي الدّليلين وتمانعهما بما هما دليلان ، بمعنى : حسب الدّلالة ومقام الإثبات ، فيدلّ أحدهما على شيء ، والآخر على نقيضه أو ضدّه ، غاية الأمر ، التّنافي الدّلالي ، والتّمانع الإثباتيّ إنّما يجيء من ناحية التّنافي المدلولي ، والتّمانع الثّبوتيّ ، بحيث لو لا ذلك ، لم يكن الأمر في افق الدّلالة كذلك ؛ ومن هنا قال قدسسره : «ولذا ذكروا : أنّ التّعارض تنافي مدلولي الدّليلين» ومعنى ذلك ، أنّهم ذكروا هذا التّعريف تسامحا وملاحظة لمقام الثّبوت ، وإلّا كان التّعارض
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ٤ ، ص ١١.