موضوع حكم العقل بالبراءة ، عدم البيان والحجّة ، ومع قيام البيان والحجّة ينتفي ذلك.
وكذا الحال بالنّسبة إلى الاصول الشّرعيّة كالبراءة النّقليّة وأصالة الحلّيّة والطّهارة ، والاستصحاب ونحوها ، حيث إنّ موضوع البراءة النّقليّة وأصل الحلّ والطّهارة ، عدم العلم بالواقع أو بطريقه ، ومع قيام الأمارة ينتفى ذلك ، إذ الأمارة علم بطريق الواقع ، بل هي علم عادي وحجّة شرعيّة ، مفيدة للاطمينان ، فيرتفع بها موضوع هذه الاصول الشّرعيّة وينقلب عدم العلم بالعلم.
وكذلك حال الاستصحاب ، حيث إنّ المراد من اليقين المأخوذ فيه هو الحجّة ـ على ما عرفت ـ لا اليقين الوجدانيّ الفلسفيّ ، والأمارة حجّة بلا شبهة ، فينتفي موضوعه بقيامها.
(تعريف التّخصيص)
وأمّا التّخصيص ، فوجه خروجه هو أنّ الخاصّ سواء كان متّصلا أم منفصلا بمنزلة القرينة للعامّ فلا يعقل التّعارض بين القرينة وذيها ، توضيح ذلك : أنّ حجيّة كلّ دليل من عامّ أو غيره تتوقّف على ثلاثة إحرازات :
أحدها : إحراز الصّدور ؛ ثانيها : إحراز أنّ ظاهر اللّفظ مراد للمتكلّم لا خلافه ، بمعنى : أنّه استعمل اللّفظ في معناه : لا في خلافه ؛ ثالثها : إحراز كون الإرادة جدّيّة ، بمعنى : أنّ المتكلّم يكون في مقام بيان الحكم الواقعيّ جدّا لا في مقام التّورية أو الامتحان أو التّقيّة.
أمّا إحراز الصّدور والعلم به ، فتتكفّل له مسألة حجيّة الخبر ، وقد مضى