ولذا أمر عليهالسلام بالتّخيير بين الإتيان وعدمه ، فهذا تخيير في المسألة الفقهيّة ، لا في المسألة الاصوليّة وعند تعارض الأدلّة ، وسيأتي توضيح ذلك في الآتي عند البحث عن روايات التّخيير الّتي منها هذه المكاتبة. «إن شاء الله الرّحمن». هذا كلّه في التّخصيص.
(تعريف الحكومة)
وأمّا الحكومة ، فوجه خروجه ما ذكره الشّيخ الأنصاري قدسسره (١) في ضابط الحكومة من أن يكون أحد الدّليلين بمدلوله اللّفظيّ متعرّضا لحال الدّليل الآخر وشارحا له من حيث السّعة والضّيق ـ كما فصّلناه سابقا ـ فإنّ مقتضى ذلك أنّه لا مجال لدعوى حكومة الأمارات على الاصول ؛ إذ لا نظر لدليل الأمارة إلى دليل الاصول ولا يكون شارحا له ـ بناء على كونه لفظيّا كالآيات والرّوايات الخاصّة ـ بل لا لسان لدليل الأمارة ـ بناء على كونه لبيّا كبناء العقلاء والسّيرة ، على ما هو الحقّ ـ وكذلك لا نظر لنفس الأمارة إلى الاصول.
(موارد التّعارض)
إذا عرفت ما قدّمناه من الامور السّتة ، فلنشرع البحث عن مسألة التّعادل والتّرجيح ونقول : إنّ التّعارض إذا كان بدئيّا غير مستقرّ ، كان موردا للجمع العرفيّ الدّلالي ، بمعنى : أنّ الخبرين أو الدّليلين قد يكونان متعارضين بدءا ، لكنّهما متوافقان لا تعارض بينهما بعد أدنى تأمّل ، بل ولا بحسب النّظر السّاذج العرفيّ الغافل عن
__________________
(١) راجع ، فرائد الاصول : ج ٤ ، ص ١٣.